المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضية رقم 26 لسنة 1 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"



هيثم الفقى
04-04-2009, 11:28 PM
نص الحكم
------------------
باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة أول يناير سنة 1983م
برئاسة السيد المستشار/ فاروق سيف النصر رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين: د. فتحى عبدالصبور ومحمد على راغب بليغ ومصطفى جميل مرسى وممدوح مصطفى حسن ومحمد عبدالخالق النادى ومنير أمين عبدالمجيد أعضاء
وحضور السيد المستشار الدكتور/ محمد ابراهيم ابوالعينين المفوض
وحضور السيد/ احمد على فضل الله أمين السر
أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 26 لسنة 1 قضائية "دستورية".
"الإجراءات"

بتاريخ 14 مايو سنة 1979 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبا الحكم أصلياً: بعدم دستورية القانون رقم 81 لسنة 1976 بتنظيم تملك غير المصريين للعقارات المبنية والأراضى الفضاء.
واحتياطياً: بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة الخامسة من هذا القانون.
وقدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة طلبت فيها رفض الدعوى بالنسبة لنص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من القانون سالف الذكر. وبعدم قبولها فيما عدا ذلك.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الايضاحات والمداولة.
حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها الشكلية.
وحيث إن الوقائع- على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل فى أن المدعى بصفته الشخصية وبصفته ولياً طبيعياً على ولديه القاصرين كان قد أقام الدعوى رقم 3466 لسنة 1978 مدنى كلى جنوب القاهرة طالبا الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائى المؤرخ 25 أكتوبر سنة 1971 والمتضمن بيع المدعى عليها الخامسة- شركة مصر للتأمين- شقة سكنية بالعمارة المبينة بالصحيفة، إلى كل من ولديه وزوجته –حينئذ- المدعى عليها السادسة، وذلك لقاء ثمن قدره 3185 جنيها، وبصحة ونفاذ الاقرار الصادر من المدعى عليها السادسة بالتنازل عن نصيبها إلى المدعى، وبتسليمه الشقة محل النزاع واعتبار الحكم الذى يصدر فى الدعوى –بعد شهره- سنداً للملكية. وقد ردت المدعى عليها السادسة- عقب طلاقها- على ذلك ببطلان عقد البيع المشار إليه استناداً إلى أن المدعى وولديه يحملون الجنسية الليبية، وأن القانون رقم 81 لسنة 1976 يحظر على غير المصريين اكتساب ملكية العقارات المبنية والأراضى الفضاء فى مصر ويوجب فى الفقرة الثانية من المادة الخامسة منه عدم الاعتداد بالتصرفات غير المشهرة قبل تاريخ العمل به أو شهرها، فدفع المدعى بعدم دستورية هذا القانون. وبتاريخ 15 ابريل سنة 1979 قضت المحكمة بوقف الدعوى وحددت للمدعى أجلاً غايته آخر مايو سنة 1979 لرفع دعواه الدستورية، فأقام دعواه الماثلة.
وحيث إن الحكومة قد دفعت بعدم قبول الدعوى تأسيساً على انتفاء مصلحة المدعى فى الطعن على نصوص القانون رقم 81 لسنة 1976، وذلك فيما عدا الفقرة الثانية من المادة الخامسة منه إذ أنها وحدها التى تتعلق بالمنازعة فى دعواه أمام محكمة الموضوع.
وحيث إنه يبين من صحيفة الدعوى أن المدعى وإن ذهب فيها إلى طلب الحكم أصلياً بعدم دستورية القانون المشار إليه واحتياطيا بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة الخامسة منه، إلا أنه لم يورد فيما ساقه من أوجه النعى على نصوصه سوى نص هذه الفقرة، وكذلك نص كل من الفقرة الثالثة من البند (ب) من المادة الثانية والفقرة الأولى من المادة الخامسة منه- والتى تعرض أولاهما لحالة غير المصرى الذى يملك أرضا فضاء فتوجب عليه أن يقيم عليها البناء خلال مدة سنتين من تاريخ التملك وإلا جاز للدولة أن تعيد بيع الأرض للغير على حسابه، كما تعرض الفقرة الأخرى لبيان حكم التصرفات العقارية التى تم شهرها للأجانب قبل العمل بالقانون المطعون فيه وتقضى ببقاء هذه التصرفات صحيحة ومنتجة لآثارها القانونية على أن يخضع المالك الأجنبى للأحكام المستحدثة التى نص عليها القانون بشأن وجوب البناء على الأرض الفضاء خلال مدة سنتين من تاريخ العمل بالقانون وألا يتصرف فى العقار المملوك بأى تصرف ناقل للملكية قبل مضى خمس سنوات من تاريخ اكتسابه لها- وهو ما عناه المشرع بالنص فى صدر الفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون على "عدم الاخلال بما نص عليه فى الفقرة الأخيرة من البند (ب) من المادة الثانية وحكم المادة الثالثة من هذا القانون".
لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يشترط لقبول الطعن بعدم الدستورية أن يتوافر للطاعن مصلحة شخصية مباشرة فى طعنه ومناط هذه المصلحة ارتباطها بمصلحته فى دعوى الموضوع التى أثير الدفع بعدم الدستورية بمناسبتها والتى يؤثر الحكم فيه على الحكم فيها، وكانت منازعة المدعى عليها السادسة فى الدعوى الموضوعية مبناها عدم أحقية المدعى وولدية فى اكتساب ملكية شقة النزاع بسبب جنسيتهم الأجنبية وعدم جواز الاعتداد أو شهر عقد البيع الذى يركنون إليه استناداً منها إلى نص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من القانون رقم 81 لسنة 1976 مما حدا بالمدعى إلى الدفع بعدم دستوريته بمقولة أن حكم هذه الفقرة –التى تقضى بعدم الاعتداد بالتصرفات غير المشهرة قبل تاريخ العمل به وبعدم شهرها- ذو أثر رجعى لم يحظ بالموافقة عليه طبقاً للدستور. لما كان ذلك، فإن مصلحة المدعى فى دعواه الماثلة انما تقوم على الطعن بعدم دستورية تلك الفقرة فحسب، بتقدير أن الحكم له فى طلباته الموضوعية يتوقف على ما يسفر عنه القضاء فى الطعن بعدم دستوريتها. أما الفقرة الثالثة من البند (ب) من المادة الثانية والفقرة الأولى من المادة الخامسة وسائر نصوص القانون الاخرى، فلا مصلحة شخصية للمدعى فى الطعن بعدم دستوريتها إذ ليس ثمة أثر لها على طلباته أمام محكمة الموضوع ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة بالنسبة للطعن على القانون رقم 81 لسنة 1976 وذلك فيما عدا نص الفقرة الثانية من المادة الخامسة منه.
وحيث إن المدعى ينعى على الفقرة الثانية من المادة الخامسة من القانون رقم 81 لسنة 1976 أنها إذ نهت عن الاعتداد بالتصرفات غير المشهرة قبل تاريخ نفاذه وحظرت شهرها- ما لم يكن قد جرى بشأنها تقديم طلبات شهر أو اقامة دعاوى صحة تعاقد أو استخراج تراخيص بناء قبل 21 ديسمبر سنة 1975- تكون قد انطوت على أثر رجعى ينسحب حكمه إلى التصرفات التى انعقدت قبل تاريخ العمل بالقانون وهذا الأثر الرجعى لم يوافق عليه مجلس الشعب بالأغلبية الخاصة مما يخالف نص المادة 187 من الدستور. كما أن الحكم الذى نصت عليه تلك الفقرة من شأنه الاخلال بالملكية الخاصة التى كفلت المادة 34 من الدستور صونها وحمايتها.
وحيث إن القانون رقم 81 لسنة 1976 بتنظيم تملك غير المصريين للعقارات المبنية والأراضى الفضاء يحظر فى صدر مادته الأولى على غير المصريين اكتساب ملكية هذه العقارات والأراضى أيا كان سبب اكتساب الملكية عدا الميراث، ويقضى فى مادته الرابعة ببطلان كل تصرف يتم بالمخالفة لأحكامه، وينص فى المادة الخامسة منه –فى فقرتها الأولى- على أنه "مع عدم الإخلال بما نص عليه فى الفقرة الأخيرة من البند (ب) من المادة (2) وحكم المادة (3) من هذا القانون، تبقى التصرفات التى تم شهرها قبل العمل به صحيحة ومنتجة لآثارها القانونية" وفى فقرتها الثانية على أنه "أما التصرفات التى لم يتم شهرها قبل العمل بهذا القانون فلا يعتد بها ولا يجوز شهرها إلا إذا كانت قدمت بشأنها طلبات شهر إلى مأموريات الشهر العقارى أو أقيمت عنها دعاوى صحة تعاقد أمام القضاء أو استخرجت بشأنها تراخيص بناء من الجهات المختصة وذلك كله قبل 21 من ديسمبر سنة 1975" كما ينص فى المادة الثامنة منه على العمل بأحكامه من تاريخ نشره فى الجريدة الرسمية وقد نشر فى 26 أغسطس سنة 1976.
وحيث إن مؤدى هذه النصوص أن المشرع بعد أن أورد فى المادة الأولى من القانون المشار إليه حكماً جديداً- يسرى من يوم نفاذه- حظر بمقتضاه كأصل عام على غير المصريين اكتساب ملكية العقارات المبنية والأراضى الفضاء إلا فى حدود الاستثناءات والضوابط التى تكفلها نصوصه وذلك دون أن يرتد أثر هذا الحظر إلى الماضى، عمد فى المادة الخامسة منه إلى التفرقة بين التصرفات التى تم شهرها قبل تاريخ العمل بالقانون والتصرفات التى لم تكن قد أشهرت حتى هذا التاريخ. فأبقى على التصرفات الأولى صحيحة ومنتجة لآثارها القانونية وفقاً لما قررته الفقرة الأولى من المادة المذكورة. ذلك أن هذه التصرفات هى التى ترتب عليها كسب الملكية قبل نفاذه، فرأى المشرع حماية لهذه الحقوق المكتسبة واحتراماً للأوضاع المستقرة الابقاء عليها وعدم المساس بها إعمالاً لقاعدة عدم رجعية القوانين على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون. أما بالنسبة للتصرفات غير المشهرة قبل تاريخ العمل به، فإنه لا يترتب عليها اكتساب الملكية العقارية- وفقاً لما يقضى به القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقارى فى مادته التاسعة من أن حق الملكية العقارية لا ينتقل بين المتعاقدين أو غيرهم ألا بالتسجيل، ولا يكون للتصرفات غير المسجلة من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين ذوى الشأن، ومن ثم فإن المشرع- اعمالاً للأثر الفورى لحكم الحظر المنصوص عليه فى المادة الأولى سالفة الذكر- نص فى الفقرة الثانية من المادة الخامسة على عدم الاعتداد بتلك التصرفات وعدم جواز شهرها.
لما كان ذلك، فإن نص هذه الفقرة المطعون عليها يكون قد طبق حكم الحظر المشار إليه فى المادة الأولى من القانون بأثر مباشر من تاريخ نفاذه دون أن ينطوى على أى أثر رجعى يتضمن المساس بالملكيات العقارية القائمة والتى ثبتت لأصحابها الأجانب قبل بدأ العمل به.
لا يقدح فى ذلك ما ذهب إليه المدعى من أن ما قضت به تلك الفقرة من عدم الاعتداد بالتصرفات غير المشهرة إنما يمس المراكز القانونية التى ترتبت للمتصرف إليهم بمقتضى عقود صحيحة من شأنها توليد الالتزام بنقل الملكية إليهم، ويحول بالتالى دون كسبهم لها تنفيذاً لهذا الالتزام مما يشوبها برجعية الأثر، ذلك أنه أذ كان المحظور قانوناً طبقاً لنص المادة الأولى هو اكتساب الأجانب ملكية العقارات المبنية والأراضى الفضاء، وكان كسبهم لهذه الملكية بالعقد هو مركز قانونى مركب لا يتم تكوينه إلا بتوافر عنصرين هما انعقاد العقد صحيحاً من ناحية وتسجيله من ناحية أخرى، فإن العقود الصحيحة غير المسجلة قبل تاريخ العمل بالقانون المطعون فيه وان كان يتولد عنها التزام بنقل الملكية إلى المتصرف إليهم، إلا أن ذلك لا يكفى فى ذاته لاكتمال أى مركز قانونى لهم فى خصوص هذه الملكية حتى يترتب على أعمال حكم الحظر المساس بها، وبالتالى لا يصح أن ترمى تلك الفقرة برجعية الأثر – كما لا يغير من ذلك ما تضمنته الفقرة سالفة البيان من استثناء الحالات الثلاثة التى نصت عليها- وهى التصرفات التى تجرى بشأنها تقديم طلبات شهر أو اقامة دعاوى صحة تعاقد أو استخراج تراخيص بناء قبل 21 ديسمير سنة 1975- تاريخ انعقاد مجلس الوزراء الذى أعقبه الإعلان عن إقرار مشروع القانون- ذلك أن استثناء هذه الحالات- لاعتبارات الجدية وحسن النية التى رآها المشرع جديرة بالرعاية- هو فى واقع الأمر اخراج لها من نطاق الحظر الذى فرضه القانون بمقتضى نص المادة الأولى منه ليسرى عليها حكم الإباحة الذى كان قائما من قبل- وهو ما يملكه المشرع بماله من سلطة تقديرية فى تنظيم الحقوق بلا معقب عليه فى تقديره ما دام أن الحكم التشريعى الذى قرره لتلك الحالات قد صدرت به قاعدة عامة مجردة لا تنطوى على التمييز بين من تساوت مراكزهم القانونية ولا تهدر نصا فى الدستور.
لما كان ذلك، فإن ما أثاره المدعى بشأن رجعية نص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من القانون رقم 81 لسنة 1976 ونعيه عليه تبعاً لذلك بمخالفة الدستور لعدم موافقة مجلس الشعب عليه بالأغلبية الخاصة التى تتطلبها المادة 187 منه- يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما كان من المقرر أن التصرفات غير المشهرة لا تنقل بذاتها حق الملكية العقارية، وأن المتصرف إليه بعقد غير مشهر لا يعتبر فى نظر القانون مالكا للعقار موضوع التصرف إلا إذا تم شهر التصرف أو الحكم النهائى المثبت له بطريق التسجيل- على ما سلف بيانه- فإن ما ينعاه المدعى على الفقرة سالفة الذكر من مخالفتها الدستور بمقولة أن ما نصت عليه من أن التصرفات غير المشهرة قبل العمل بالقانون لا يعتد بها ولا يجوز شهرها- ينطوى على مساس بالملكية الخاصة التى كفل الدستور فى المادة 34 منه صونها وحمايتها، يكون هذا النعى بدوره غير سديد.
وحيث إنه لما تقدم جميعاً يتعين رفض الدعوى بالنسبة للطعن بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من القانون رقم 81 لسنة 1976.
"لهذه الأسباب"

حكمت المحكمة:
أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطعن على القانون رقم 81 لسنة 1976 بتنظيم تملك غير المصريين للعقارات المبنية والأراضى الفضاء- وذلك فيما عدا نص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من هذا القانون.
ثانياً: برفض الدعوى بالنسبة للطعن على نص الفقرة المشار إليها وبمصادرة الكفالة، والزمت المدعى المصروفات، ومبلغ ثلاثين جنيها مقابل أتعاب المحاماة.