المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضية رقم 9 لسنة 1 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"



هيثم الفقى
04-04-2009, 11:09 PM
نص الحكم
------------------
باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 6 فبراير سنة 1982م.
برئاسة السيد المستشار/ أحمد ممدوح عطيه رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين: فاروق سيف النصر ود. فتحى عبدالصبور ومحمد على راغب بليغ ومصطفى جميل مرسى وممدوح مصطفى حسن ومنير أمين عبدالمجيد أعضاء
وحضور السيد المستشار د/محمد ابراهيم أبوالعينين المفوض
وحضور السيد/ احمد على فضل الله أمين السر
أصدرت الحكم الآتى



فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 9 لسنة 1 قضائية "دستورية".
"الإجراءات"

بتاريخ 30 يولية سنة 1979 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بعدم دستورية القرار بقانون رقم 119 لسنة 1964 بشأن بعض التدابير الخاصة بأمن الدولة.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً أبدت فيه الرأى بعدم قبولها.
"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها الشكلية.
وحيث إن الوقائع- على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الاوراق- تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 5938 لسنة 1975 مدنى كلى جنوب القاهرة طالبا الحكم بإلزام المدعى عليهما بأن يدفعا إليه متضامنين مبلغ خمسين ألف جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقت به من جراء محاكمته أمام محكمة استثنائية وتقييد حريته قبل المحاكمة وبعدها، وقال بيانا لدعواه أنه اعتقل بمقتضى السلطة المخولة لرئيس الجمهورية طبقاً لقانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958، ولما ألغيت حالة الطوارئ بالقرار الجمهورى رقم 1216 الصادر فى 24 مارس 1964 كان يتعين اخلاء سبيله فوراً إلا أنه استمر معتقلاً وقدم للمحاكمة استناداً إلى القرار بقانون رقم 119 لسنة 1964 بشأن بعض التدابير الخاصة بأمن الدولة واستطرد المدعى إلى أن هذا القرار بقانون- بالأضافة إلى ما أنطوى عليه من مخالفات دستورية صارخة من حيث الموضوع والمضمون – قد شابه عيب شكلى بعدم عرضه على مجلس الرياسة، على خلاف ما جاء بديباجته مما يجعله معدوماً هو وما ترتب عليه من اجراءات وأحكام ويوجب تعويض من أضيروا نتيجة له. وإذ انتهت المحكمة إلى تكييف ما ينعاه المدعى على القرار بقانون رقم 119 لسنة 1964 بأنه طعن بعدم دستوريته، فقد حكمت بتاريخ 31 ديسمبر 1978 بوقف الدعوى إلى أن تفصل المحكمة العليا فى الدفع بعدم دستورية هذا القرار بقانون، فأقام المدعى دعواه الماثلة.
وحيث إن المدعى دفع أمام هيئة المفوضين بعدم اختصاص المحكمة الدستورية العليا بنظر الدعوى، قولاً بأن ما يعيبه على القرار بقانون رقم 119 لسنة 1964 هو انعدامه لعدم استكماله مقوماته الشكلية كقانون، وهو ما يخرج عن اختصاص المحكمة الدستورية العليا الذى يقتصر على نظر الطعون الدستورية الموضوعية وبحث مدى مخالفة التشريعات من حيث موضوعها لأحكام الدستور، وأنه قد أضطر إلى رفع دعواه الماثلة تنفيذاً لحكم محكمة الموضوع التى كيفت دفاعه خطأ بأنه يتضمن طعناً بعدم دستورية هذا القرار بقانون.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد، ذلك أن الفقرة الأولى من المادة الرابعة من قانون المحكمة العليا الصادر بالقرار بقانون رقم 81 لسنة 1969 كانت تنص على اختصاص المحكمة العليا دون غيرها بالفصل فى دستورية القوانين، ثم نصت المادة 175 من دستور سنة 1971 على أن "تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح..... وذلك على الوجه المبين فى القانون" وتطبيقاً لذلك نصت المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 على أن "تختص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بما يأتى: أولا- الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح....." ومؤدى هذه النصوص أن المشرع أخذ بقاعدة مركزية الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، واختص بها هيئة قضائية مستقلة هى المحكمة العليا- ومن بعدها المحكمة الدستورية العليا –دون غيرها من الجهات القضائية، وهو اختصاص عام يشمل كافة الطعون الدستورية على القوانين واللوائح، سواء تلك التى تقوم على مخالفات شكلية للأوضاع والإجراءات المقررة فى الدستور بشأن اقتراح التشريع واقراره واصداره، او التى تنصب على مخالفة أحكام الدستور الموضوعية، وذلك لورود النصوص المشار إليها فى صيغة عامة مطلقة، ولأن قصر هذا الاختصاص على الطعون الموضوعية ينتكس بالرقابة القضائية بالنسبة للعيوب الشكلية إلى ما كان عليه الأمر قبل انشاء القضاء الدستورى المتخصص من صدور أحكام متعارضة يناقض بعضها بعضا، مما يهدر الحكمة التى تغياها الدستور من تركيز هذه الرقابة فى محكمة عليا تتولى دون غيرها الفصل فى دستورية القوانين واللوائح وحماية أحكام الدستور وصونها. لما كان ذلك فإن الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى يكون على غير أساس متعيناً رفضه.
وحيث إن المدعى ينعى على القرار بقانون رقم 119 لسنة 1964 بشأن بعض التدابير الخاصة بأمن الدولة أنه صدر معدوماً إذ لم يستكمل مقوماته الشكلية بعدم عرضه واقراره من مجلس الرياسة القائم وقتئذ طبقاً للأعلان الدستورى بشأن التنظيم السياسى لسلطات الدولة العليا الصادر فى 27 سبتمبر سنة 1962.
وحيث إنه وأن كانت المادة السابعة من القانون رقم 37 لسنة 1972 بتعديل بعض النصوص المتعلقة بضمان حريات المواطنين فى القوانين القائمة قد نصت على الغاء القرار بقانون رقم 119 لسنة 1964 المطعون عليه، ألا أن هذا الالغاء لا يحول دون قبول الطعن بعدم دستوريته ممن طبق عليه ذلك القرار بقانون خلال فترة نفاذه وترتبت بمقتضاه اثار قانونية بالنسبة له، بحيث تتوافر له بذلك مصلحة شخصية فى الطعن بعدم دستوريته.
وحيث إن القرار بقانون رقم 119 لسنة 1964 المشار إليه صدر فى 21 مارس سنة 1964 وعمل به من تاريخ نشره فى 24 مارس سنة 1964، ولما كان الثابت من مذكرة نيابة وسط القاهرة المؤرخة 27 مايو سنة 1981 المرفقة بالأوراق- والتى لم يجحدها المدعى طبقاً لكتابه إلى هيئة المفوضين بتاريخ 20 يونيه سنة 1981- أنه بتاريخ أول فبراير سنة 1964 قررت نيابة أمن الدولة العليا حبس المدعى حبساً مطلقاً واحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا لاتهامه فى الجناية رقم 74 لسنة 1964 عابدين (9 سنة 1964 وسط القاهرة 13 سنة 1964 عليا) بتهمتى قبول وأخذ نقود من دولة أجنبية بقصد ارتكاب أعمال ضارة بالمصالح القومية، والتحريض على قلب نظام الحكم فى الجمهورية العربية المتحدة، فإن مؤدى ذلك أن أحالة المدعى إلى محكمة أمن الدولة العليا لم تتم تطبيقاً للقرار بقانون رقم 119 لسنة 1964 الذى لم يكن قد صدر بعد عندما قررت النيابة العامة احالته إلى المحاكمة فى أول فبراير سنة 1964، وإنما بمقتضى القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ الذى حل محل قانون الاحكام العرفية رقم 533 لسنة 1954. كما أن استمرار محاكمة المدعى أمام محكمة أمن الدولة العليا وصدور الحكم عليه منها بتاريخ 5 ديسمبر سنة 1964- بعد انتهاء حالة الطوارئ فى 2 أبريل سنة 1964 بقرار رئيس الجمهورية رقم 1216 لسنة 1964- كان بدوره تطبيقاً للقانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ الذى تنص المادة 19 منه على أنه "عند انتهاء حالة الطوارئ تظل محاكم أمن الدولة مختصة بنظر القضايا التى تكون محالة عليها وتتابع نظرها وفقاً للإجراءات المتبعة أمامها" وبالتالى يكون اعتقال المدعى واحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا ثم استمرار محاكمته أمامها وصدور الحكم عليه منها قد تمت جميعها وفقاً للقانون رقم 162 لسنة 1958 المشار إليه.
لما كان ما تقدم وكان من المقرر أنه يشترط لقبول الطعن بعدم الدستورية توافر مصلحة شخصية للطاعن من طعنه، وكان الثابت على ما سلف بيانه أن القرار رقم 119 لسنة 1964 المطعون بعدم دستوريته لم يطبق على المدعى ولم تترتب بمقتضاه أية آثار قانونية بالنسبة له، وانتفت بذلك مصلحته فى الطعن بعدم دستوريته، فأنه يتعين الحكم بعدم قبول الدعوى.
"لهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيها مقابل أتعاب المحاماة.