المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضية رقم 15 لسنة 1 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"



هيثم الفقى
04-04-2009, 03:00 AM
نص الحكم
------------------


باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 9 مايو سنة 1981
برئاسة السيد المستشار / أحمد ممدوح عطية رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين: فاروق محمود سيف النصر ومحمد فهمى حسن عشرى وكمال سلامة عبد الله ود. فتحى عبد الصبور ومحمد على راغب بليغ وممدوح مصطفى حسن أعضاء
وحضور السيد المستشار / محمد كمال محفوظالمفوض
وحضور السيد / سيد عبد البارى ابراهيمأمين السر
أصدرت الحكم الآتى



فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 15 لسنة 1 قضائية "دستورية".

" الإجراءات"
بتاريخ 15 فبراير سنة 1978 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بعدم دستورية نص المادة 32 من القانون رقم 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها ، وقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 بتعديل الجداول الملحقة بذلك القانون .
وقدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة طلبت فيها رفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً أبدت فيه الرأى برفضها .
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، حيث التزمت هيئة المفوضين رأيها ، وقررت المحكمة اصدار الحكم بجلسة اليوم .


"المحكمة"
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات والمداولة.
حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها القانونية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل فى أن النيابة العامة كانت قد أقامت الدعوى الجنائية فى الجناية رقم 2261 لسنة 1976 كلى مخدرات القاهرة ضد المدعى بوصف أنه أحرز وحاز بقصد الاتجار جوهرين مخدرين "عقارى الموتولون والمندراكس" فى غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، وطلبت عقابه وفقاً لأحكام القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند (94) من الجدول رقم (1) الملحق به والمستبدل بموجب قرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 وأثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات القاهرة دفع المدعى بعدم دستورية المادة 32 من القانون رقم 182 لسنة 1960 وبعدم دستورية قرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 الصادر استناداً إلى تلك المادة ، وبجلسة 29 ديسمبر سنة 1977 قررت المحكمة تأجيل الدعوى حتى يرفع المدعى دعواه الدستورية فأقام الدعوى الماثلة .
وحيث إن المدعى يطلب الحكم بعدم دستورية المادة 32 من القانون رقم 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها استناداً إلى أن المادة الأولى منه تنص على أن تعتبر جواهر مخدرة فى تطبيق أحكامه المواد المبينة فى الجدول رقم (1) الملحق به ، وبذلك يكون هذا الجدول جزءاً مكملاً للقانون وتصبح له ذات قوته التشريعية. وإذ أجازت المادة 32 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المشار إليه للوزير المختص بقرار يصدره أن يعدل فى الجداول الملحقة به ، فانها تكون قد خالفت المادة 66 من الدستور التى تنص على أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على قانون ، ذلك أن التعديل بإضافة مادة جديدة إلى الجدول يجعل من حيازتها واحرازها والاتجار فيها فعلا مجرماً بعد أن كان مباحاً الأمر الذى لا يجوز اجراؤه بغير القانون تطبيقاً لهذه القاعدة الدستورية. ويستطرد المدعى إلى أنه لا مجال للقول بأن ما يصدره الوزير المختص من قرارات بتعديل الجداول تعد من اللوائح التفويضية أو التنفيذية التى يجيزها الدستور ، لأن التفويض التشريعى الذى نصت عليه المادة 108 مقصور على رئيس الجمهورية وذلك عند الضرورة وفى الأحوال الاستثنائية وبشروط محددة ، كما أن اللوائح التنفيذية للقوانين يجب ألا تتضمن تعديلاً لها طبقاً لما تقضى به المادة 144 من الدستور. وإذ صدر قرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 بتعديل الجداول الملحقة بالقانون رقم 182 لسنة 1960 استناداً إلى المادة 32 منه التى تخالف المادة 66 من الدستور ، فانه يكون بدوره غير دستورى ، بالإضافة إلى مخالفته معاهدة المواد المخدرة لعام 1961 التى أصبحت قانوناً من قوانين الدولة بالتصديق عليها .
وحيث إن المادة 66 من الدستور الحالى تنص فى فقرتها الثانية على أنه "لا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على قانون" وهى قاعدة دستورية وردت بذات العبارة فى جميع الدساتير المتعاقبة منذ دستور سنة 1923 الذى نص عليها فى المادة السادسة منه .
وحيث إنه يبين من الأعمال التحضيرية لدستور سنة 1923 أن صياغة هذه المادة فى المشروع الذى أعدته اللجنة المكلفة بوضعه كانت تقضى بأنه "لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون" فعدلتها اللجنة الاستشارية التشريعية التى نقحت المشروع إلى "لا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على قانون" وذلك – وعلى ما جاء بتقريرها – "لأنه لا يصح وضع مبدأ يقرر أن لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون لأن العمل جرى فى التشريع على أن يتضمن القانون نفسه تفويضاً إلى السلطة المكلفة بسن لوائح التنفيذ فى تحديد الجرائم وتقرير العقوبات ، فالأصوب إذن أن يقال لا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على قانون .." .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المشرع إذا أورد مصطلحاً معيناً فى نص ما لمعنى معين ، وجب صرفه إلى هذا المعنى فى كل نص آخر يردد ذات المصطلح ، وكان الدستور الحالى قد ردد فى المادة 66 منه عبارة "بناءً على قانون" – الواردة فى المادة السادسة من دستور سنة 1923 والتى أفصحت أعماله التحضيرية عن المدلول المقصود بها – فى حين أنه استعمل عبارة مغايرة فى نصوص أخرى اشترط فيها أن يتم تحديد أو تنظيم مسائل معينة "بقانون" مثل التأميم فى المادة 35 وإنشاء الضرائب وتعديلها فى المادة 119 ، فإن مؤدى ذلك أن المادة 66 من الدستور تجيز أن يعهد القانون إلى السلطة التنفيذية بإصدار قرارات لائحية تحدد بها بعض جوانب التجريم أو العقاب ، وذلك لاعتبارات تقدرها سلطة التشريع وفى الحدود وبالشروط التى يعينها القانون الصادر منها .
لما كان ما تقدم وكان المشرع فى المادة 32 من القانون رقم 182 لسنة 1960 قد أعمل هذه الرخصة المتاحة له بمقتضى المادة 66 من الدستور وقصر ما ناطه بالوزير المختص على تعديل الجداول الملحقة بهذا القانون بالحذف وبالاضافة أو بتغيير النسب الواردة فيها ، وذلك تقديراً منه لما يتطلبه كشف وتحديد الجواهر المخدرة من خبرة فنية ومرونة فى اتخاذ القرار يمكن معها مواجهة التغيرات المتلاحقة فى مسمياتها وعناصرها تحقيقاً لصالح المجتمع ، وكانت القرارات التى يصدرها الوزير المختص فى هذا الشأن لا تستند فى سلطة إصدارها إلى المادة 108 أو المادة 144 من الدستور بشأن اللوائح التفويضية أو اللوائح التنفيذية وإنما إلى المادة 66 من الدستور على ما سلف بيانه، فان النعى على المادة 32 المشار إليها بعدم الدستورية يكون على غير أساس.
وحيث إنه وقد ثبت على ما تقدم أن المادة 32 من القانون رقم 182 لسنة 1960 تتفق وأحكام الدستور ، فان النعى على قرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 الصادر استناداً إليها بمخالفة المادة 66 من الدستور يكون بدوره غير سديد ، أما النعى بمخالفة هذا القرار لمعاهدة المواد المخدرة باعتبارها قانوناً – أياً ما كان وجه الرأى فى قيام هذه المخالفة – فانه لا يعدو أن يكون نعياً بمخالفة قرار لقانون ، ولا يشكل بذلك خروجاً على أحكام الدستور المنوط بهذه المحكمة صونها وحمايتها ، مما يتعين معه الالتفات عنه .


لهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ خمسين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة .