المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نقض مصري جلسة 13-1-2013



عاصم
04-06-2014, 12:21 PM
لما كان الحكم المطعون فيه دان الطاعنين بالاشتراك بالمساعدة في جرائم القتل والشروع فيه المقترن بجرائم القتل والشروع فيه ، والامتناع عن اتخاذ الإجراءات التى تفرضها عليهما صفتهما الوظيفية ،

وقال بياناً لقضائه :( ومن واقع ذلك المنطق السوى المعتبر في حق ضمير المحكمة وثبات وجدانها تؤكد من واقع ما جرى من تحقيقات ، وما دار بجلسات المحاكمة ، وشهادة من استمعت إليهم المحكمة بما لا يدع مجالاً للشك أو الريبة أن كلاً من المتهمين الأول ..... والخامس ...... وقد علم كل منهما بالأحداث فأحجم أولهما عمداً بصفته رئيساً لجمهورية مصر عن إتيان أفعال إيجابية في توقيتات مناسبة تقتضيها الحماية القانونية المتمثلة في امتناعه عمداً عن إصدار القرارات والأوامر والتعليمات والتوجيهات التى تحتمها عليه وظيفته والمنوط به الحفاظ على مصالح الوطن ورعاية المواطنين وحماية أزواجهم والذود عن الممتلكات والمنشآت العامة والخاصة المملوكة للدولة وللأفراد طبقاً للدستور والقانون ،

رغم علمه يقيناً بما وقع من أحداث وأفعال وتدخلات من جهات وعناصر إجرامية ، وكان ذلك الإحجام والامتناع عما يفرضه عليه الواجب القانونى للحماية القانونية للوطن والمواطنين ابتغاء استمرار سلطاته والسيطرة لنفسه على مقاليد الحكم للوطن ، الأمر الذى أدى إلى أن اندست عناصر إجرامية لم تتوصل إليها التحقيقات في موقع الأحداث قامت بإطلاق مقذوفات نارية وخرطوش تجاه المتظاهرين السلميين فأحدثت بالبعض منهم الإصابات التى أودت بحياتهم ، وبالشروع في قتل البعض الآخر منهم بإصابتهم بالإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية والتى تم تداركها بالعلاج ، وأن المتهم الخامس ..... امتنع عمداً بصفته وزيراً للداخلية في التوقيتات المناسبة عن اتخاذ التدابير الاحترازية التى توجبها عليه وظيفته طبقاً للقوانين واللوائح والقرارات لحماية الوطن من الداخل ، والأرواح والممتلكات العامة والخاصة طبقاً للدستور والقوانين مع علمه تماماً بما وقع من أحداث ، وكان ذلك الإحجام والامتناع ابتغاء فرض سلطاته واستمرار منصبه وحماية سلطات ومنصب الأول ،

فمن ذلك الإحجام والامتناع قد وقر في يقين المحكمة من خلال فحصها أوراق التداعى عن بصر وبصيرة أن المتهمين المذكورين قد اشتركا مع مجهولين بطريق المساعدة في ارتكاب جرائم القتل العمد والشروع فيه موضوع التحقيقات ، وما تضمنته تلك الجرائم من اقتران لجرائم قتل عمد أخرى وشروع فيه ، قاصدين من ذلك إزهاق روح وإصابة المجنى عليهم الواردة أسماؤهم بالتحقيقات ، فأحدثوا بهم الإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية والتى أودت بحياتهم أو بإصاباتهم على النحو المبين بالتحقيقات ، تلك الجرائم الحادثة بميدان التحرير بالقاهرة خلال المدة المشار إليها ، وتبين للمحكمة من خلال مطالعتها المتعمقة الدقيقة لكشوف المجنى عليهم المرفقة أن من بين المتوفين على سبيل المثال من يدعى .... ...، وأن من بين المصابين من يدعى ...... ،

حال تظاهرهم بميدان التحرير يوم 28/1/ 2011 . لما كان ذلك ، وكان العلم بوقوع الجريمة لا يعتبر قائماً طبقاً لصريح نص المادة 40 من قانون العقوبات إلا إذا توافر في حق المتهم ثبوت اتفاقه مع الجاني على ارتكابها ، أو تحريضه إياه على ارتكابها ، أو مساعدته له مع علمه بأنه مقبل على ذلك ، فإن الحكم المطعون فيه إذ رتب مساءلة الطاعنين كشريكين بالمساعدة على مجرد علمهما بوجود العناصر الأجنبية المسلحة لا يكفى لثبوت اشتراكهما بالمساعدة على ارتكاب تلك الجرائم ، كما أن المستفاد من مطالعة نصوص القانون العامة في الاشتراك في المواد 40 ، 41 ، 42 ، 43 من قانون العقوبات أنها تتضمن أن قصد الاشتراك يجب أن ينصب على جريمة أو جرائم معينة ، فإذا لم يثبت الاشتراك في جريمة معينة أو فاعل معين فلا تعتبر الجريمة التى ارتكبها الفاعل نتيجة مباشرة للاشتراك ؛ لأنه لم يقع عليها، كما أن القانون يوجب أن يكون لدى الشريك نية التدخل مع الفاعل ، فالاشتراك بالمساعدة لا يتحقق إلا إذا ثبت أن الشريك قصد الاشتراك في الجريمة وهو عالم بها ، بأن تكون لديه نية التدخل مع الفاعل تدخلاً مقصوداً يتجاوب صداه مع فعله ، وأن يساعد في الأعمال المجهزة أو المسهلة لارتكابها مساعدة تتحقق بها وحدة الجريمة .

لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه ، قد جاء قاصراً في بيانه في التدليل على أن الطاعنين كانا يعلمان علماً يقينياً بما انتواه الفاعلون المجهولون من ارتكاب جرائم القتل والشروع فيه ، كما أنه لم يدلل تدليلاً سائغاً وكافياً على توافر قصد اشتراكهما في الجرائم التى دانهما عنها ، ودون أن يثبت أنهما وقت وقوعها كانا عالمين بها قاصدين الاشتراك فيها ببيان عناصر اشتراكهما ، ومظاهره ، بأفعال صدرت عنهما تدل على هذا الاشتراك وتقطع به ، كما لم يدلل الحكم المطعون فيه على توافر رابطة السببية بين سلوك الطاعنين كشريكين وبين الجرائم التى وقعت من الفاعلين الأصليين ، الأمر الذى يكون معه الحكم المطعون فيه معيباً بالقصور الذى يبطله ، كما أن المستفاد من استقراء نص المادة 40 من قانون العقوبات ، أن المساعدة كصورة من صور الاشتراك تفترض شيئاً ذا كيان مادى من المساعدة من الشريك إلى الفاعل الأصلى ، أى تتطلب نشاطاً إيجابياً يبذله الشريك بالمساعدة ، ويقدم عن طريقه العون إلى الفاعل الأصلى ، فإن ذلك يفيد بلا جدال أن الاشتراك في الجريمة بالمساعدة لا يتكون إلا من أعمال إيجابية ، ولا ينتج أبداً عن أعمال سلبية ، وإذ كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد حدد نشاط الطاعنين في أفعال سلبية بإحجامهما عن إتيان أفعال إيجابية ، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون .


(نقض جلسة 13-1-2013، طعن رقم 5334 س82 )