المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ملاحظات حول قانون انتخابات الرئاسة



عاصم
02-17-2014, 06:01 PM
اتفاقاً مع روح ثورة 30 يونيو عام 2013 وبداية للمشاركة الشعبية فى طريق الديمقراطية وخارطة الطريق لمصر المستقبل، وبعد إقرار الدستور فى ثوبه الجديد الذى راعى كل جوانب حماية مصر وأبنائها وتقدمهم إلى الأمام، فقد تم وضع مسودة لقانون انتخابات رئيس الجمهورية الجديد، ولم يصدر القانون بل تم طرح مسودة القانون لكى تتم مناقشته بين طوائف الشعب.

ونجد أن مسودة القانون قد اشتملت على (59) مادة لتنظيم عملية الانتخابات الرئاسية التى سيفتح باب الترشيح لها يوم 18 فبراير 2014، وقد غلب على هذه المسودة كثير من المواد الإجرائية لعملية الانتخاب وشروطها وحماية الشفافية والعدالة، وكذلك العقوبات التى تتم على من يخالف قواعد هذا القانون، وكيفية التظلم ومدته وجهة التظلم وغير ذلك مما يضمن نزاهة وتعبيرا حقيقيا لإرادة الشعب المصرى فى اختيار رئيسه القادم بعد ثورتين.

ولا شك أننا من القراءة القانونية لمواد هذا الدستور نلاحظ عدة ملاحظات يمكن مناقشتها وتعديلها بما يتناسب مع المرحلة القادمة والتوافق المجتمعى، ومن أهمها ما يلى:

أولاً- نصت المادة الأولى على أنه «يشترط فيمن يترشح رئيساً للجمهورية أن يكون مصرياً من أبوين مصريين، وألا يكون قد حمل أو أى من والديه أو زوجته جنسية دولة أخرى.....» ونجد الملاحظات الآتية:

‌أ) اشتراط عدم التمتع بجنسية أخرى كان بالنسبة للوالدين والمرشح وزوجته ولم يشمل أولاده.

‌ب) الرئيس السادات والرئيس مبارك كلاهما كانت زوجته تحمل جنسية أخرى ولم يتأثر أى منهما بهذه الجنسية.

‌ج) أن نص المادة لم يشترط عدم تمتع أولاد المرشح بجنسية أخرى، ولا نجد لذلك مبررا يفرق بينهم وبين الزوجة.

ولذلك فإننا نرى أنه إما إن يتم إدخال الأولاد مع زوجة المرشح فى هذا الشرط أو تخرج زوجة المرشح ويبقى الشرط للمرشح والوالدين.

ثانياً- فى المادة الرابعة من مسودة القانون تنص على أنه «يلزم لقبول الترشح لرئاسة الجمهورية أن يذكى المترشح عشرين عضواً على الأقل من أعضاء مجلس النواب أو أن يؤيده ما لا يقل عن خمسة وعشرين ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب فى خمس عشرة محافظة على الأقل وبحد أدنى ألف مؤيد من كل محافظة منها».

وقد أشار البعض إلى أنه يمكن الطعن بعدم الدستورية نتيجة لعدم وجود مجلس نواب حتى الآن لأن الانتخابات الرئاسية تقدمت على الانتخابات البرلمانية.

ولكننا نرى أن النص قد جاء فيه طريقان لتزكية المرشح يمكن اختيار واحدة منهما ولا يشترط الطريقتان، ومن ثم فإن عملية السماح بالاختيار تحمى النص من أى طعن بعدم الدستورية لعدم وجود مجلس النواب.

ثالثاً- فى المادة السابقة جاء نصها «يجوز لذوى الشأن الطعن فى قرارات اللجنة المتعلقة بالانتخابات الرئاسية ونتائجها خلال مدة لا تجاوز أسبوعاً من تاريخ إخطاره بها وتختص المحكمة الإدارية العليا بالفصل فى هذه الطعون بحكم نهائى خلال عشرة أيام من تاريخ قيد الطعن».

مع اتفاقنا تماما مع هذا النص الذى لم يجعل قرار الانتخابات قراراً نهائياً غير قابل للطعن، فإنها فتحت الباب أمام الطعن لتحقيق العدالة، ولكن نجد أن جواز الطعن يتم من تاريخ «إخطاره بها»، وليس هناك تعريف محدد للإخطار أو كيفيته، كما أن عشرة أيام أمام المحكمة الإدارية العليا للفصل فى الطعن مدة قصيرة جداً، خصوصاً لو تعددت الطعون، ولذلك نرى أن المدة يمكن زيادتها إلى 15 أو 20 يوماً للفصل فى الطعون على الأكثر.

رابعاً- نصت المادة (18) من مسودة القانون على عدة نقاط مهمة، ومنها ضرورة الالتزام فى الدعاية الانتخابية بأحكام الدستور والقانون واللجنة والقواعد الآتية:

م18/1 عدم التعرض لحرمة الحياة الخاصة لأى من المرشحين.

ومع هذا لم ينص على أى عقوبة لمن يخالف هذا الالتزام.

خامساً- نصت المادة (40) من مسودة القانون على أن الحد الأقصى لما ينفقه كل مرشح فى الحملة الانتخابية عشرة ملايين جنيه، ويكون الحد الأقصى للإنفاق فى حالة الإعادة مليونى جنيه.

ونرى: أن رصد هذا الحد مسألة صعبة للغاية، وفى نفس الوقت أن الحد الأقصى المذكور هو مبلغ ضئيل للغاية، خاصة أن الدعاية ستكون على مستوى الجمهورية كلها وليس مجرد دائرة واحدة، ولذلك نرى ضرورة إعادة النظر فى هذا الحد الأقصى لكى لا ندفع المرشحين إلى التحايل على القانون.

سادساً- نصت المادة (48) على أن «تنظم لجنة الانتخابات الرئاسية قواعد وإجراءات اقتراع المصريين المقيمين خارج البلاد فى انتخابات رئاسة الجمهورية».

وأخيراً.. فإن هذه بعض النقاط التى نرى ضرورة مراجعتها وفقاً لمتطلبات الوطن، ولكن وفى نفس الوقت لابد من الإشادة بالجهود القانونية التى بذلها واضعو هذه المسودة، والتى تمثل خطوة قانونية واسعة للأمام تتناسب مع طموحات الشعب المصرى فى مستقبل أفضل لهذا الجيل والأجيال القادمة.

أ.د/ نبيل أحمد حلمي
* عميد كلية الحقوق الأسبق - بجامعة الزقازيق