المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : *الحرب العالمية الاولى*



هيثم الفقى
03-21-2009, 02:24 PM
الحرب العالمية الاولى
أسبابها : شهدت أوربا والعالم في السنوات الممتدة بين 1870 تاريخ الوحدة الألمانية ومقتل ولي عهد النمسا في سيراجيفو في 28 حزيران 1914 مجموعة أحدث وأزمات وترت الأجواء الدولية ومنها : بروز فلسفة القوة والنزعة إلى الحرب في ألمانيا ، والسعي إلى تأمين المستعمرات خاصة بعد التطور الصناعي الكبير اللاحق لمرحلة الوحدة وحاجة ألمانيا إلى المواد الأولية والأسواق .
من ناحية ثانية وجد بسمارك أن فرنسا القوية والمدعومة تشكل خطراً على مستقبل بلاده فسعى إلى عزلها دولياً وسعى بالمقابل إلى تقوية نفسه بأحلاف دفاعية مع الدول التي تشاطره نظرته ، فنشأ التحالف الثلاثي سنة 1882 وضم ألمانيا والنمسا وإيطاليا .
كما عقد الامبراطور غليوم الثاني الألماني سنة 1905 معاهدة سرية مع القيصر نقولا الثاني ضد بريطانيا . وردت فرنسا على التحاف الثلاثي باتفاق مع روسيا سنة 1891 وبتقربها مع إيطاليا سنة 1902 وبتحالف آخر مع بريطانيا سنة 1904 ، ثم عملت على حل الخلاف الروسي – الإنكليزي فتحول الاتفاق بين فرنسا وكل من الدولتين إلى تفاهم ودي ثلاثي سنة 1907 . هكذا انقسمت أوربا إلى معسكرين كبيرين . وسعت دولها إلى زيادة جيوشها وبدأ سباق محموم على التسلح وطهرت أسلحة حديثة فتاكة خاصة الطائرات والغواصات ، وتعزز اسطولها البحري لأن مستقبلنا على البحر ، حسب ما قال القيصر الألماني : وفشلت محاولات التهدئة والحد من التسلح التي قام بها القيصر الروسي سنة 1898 حين دعا إلى مؤتمر في لاهاي .
وارسل الملك الإنكليزي أدوار السابع اللورد هالدين إلى برلين سنة 1906 للتفاوض بشأن تحديد الأسلحة ففشل وحاول السير إدوار غراي وزير خارجية بريطانيا أن يقرب بين وجهات نظر المتحالفين الأوروبيين ففشل بسبب تعنت الألمان .
وفي نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ظهرت قضايا القوميات في أوربا والشرق بشكل علني ومقلق وراحت الشعوب القومية المحكومة من دولة أو أكثر تسعى إلى الاستقلال والوحدة ملتمسة العون والمساعدة من الدول المعارضة للدول المهيمنة عليها . وأبرز هذه القوميات : الشعوب السلافية الخاضعة للنمسا والطامحة للتوحد مع دولة صربيا وخاصة في ولايتي البوسنة والهرسك التي ضمتها إليها النمسا سنة 1908 وطلب السلافيون حماية روسا ضد النمسا .
العرب الذين ضاقوا ذراعاً بسياسة التتريك وسعوا إلى تكوين كيانات مستقلة بمساعدة الإنكليز بعد انحياز تركيا إلى الألمان. وسكان الألزاس واللورين الذين لرفضوا الذوبان في الوحدة الألمانية وظلوا تواقين للعودة إلى السادة الفرنسة.
وأدى مقتل ولي عهد النمسا الأرشيدوق فرنسوا فرديناند في سيراجيفو على طالب صربي متعصب يوم الأحد في 28 حزيران 1914 إلى إطلاق شرارة الحرب التي تريدها ألمانيا ضد أعدائها . هكذا بدأت الحرب العالمية الأولى فعلياً بفريقين متقابلين : ألمانيا والنمسا من جهة وروسيا وفرنسا وبريطانيا وبلجيكا وصربيا والجبل الأسود ، ثم اليابان في 15 آب من جهة ثانية . وانضمت فيها بعد دول جديدة إلى الفريقين ومراحل الحرب كانت على الشكل التالي : احتلال اللكسمبورغ وبلجيكا في 12 آب 1914 . واختراق الألمان للدفاعات الفرنسة ، بعد اجتياح بلجيكا وتقدمهم حتى وصلوا إلى بعد 25 كلم عن العاصمة باريس ولجوء الحكومة الفرنسية إلى بوردو . ومعركة المارن الأولى بين 6 و 12 أيلول 1914 التي أوقف الفرنسيون فيها زحف الألمان عند نهر النارن . ومعركة فردان في شباط 1916 وهجوم نهر السوم في تموز 1916 وفيه استعملت الدبابات للمرة الأولى . تلك أبرز المعارك على الجبهة الغربية .
أما في الجبهة الشرقية . فقد قامت علنا الحرب ضد روسيا حيث هاجم الروس ألمانيا من الشرق ، من بروسيا الشرقية ، في محاولة لتخفيف الهجوم الألماني على فرنسا وهذا ما حصل بالفعل في معركة المارن كما هاجم الروس القوات النمساوية وانتصروا عليها عند أبواب غاليسيا في 12 أيلوا 1914 . وفي 29 أيلول دخلت القوات النمساوية نحو كراكوفيا . وفي 13 تشرين الثاني 1914 سقطت . وفي بداية سنة 1915 عين الألمان فالكنهاني رئيساً للأركان وانضمت بلغاريا إلى جانب ألمانيا في حربها .
فاجتاحت قواته بولونيا وقضت على المقاومة الروسية . واضطر القيصر الروسي نيقولا إلى التراجع عن غاليسيا بكاملها ثم عن بولونيا باتجاه السهل الروسي ثم من جبال الكاربات وليتوانيا . وفي آذار 1917 اهتزت روسيا نتيجة الخسائر الكبرى في المعارك وسؤ الحالة الاقتصادية وخيانة العديد من كبار الضباط ودسائس البلاط الملكي حيث ساد نفوذ زوجة القيصر الألمانية الأصل وفضائح الراهب راسبوتين وفي 7 آذار بدأت الاضرابات لنقص القمح والفحم .
وسعى الجنرال جوفر خلال سنة 1915 إلى خرق الجبهة الألمانية خلال ثلاث حملات قام بها الفرنسيون في منطقة شمبانيا في شباط وفي منطقة أرتوا في أيار ومجدداً في شمبانيا في أيلول دون جدوى وبلغت خسائرهم 348000 قتيل مقابل ثلاثة أضعاف هذا الرقم عند الألمان . وبين 21 شباط و 24 حزيران 1816 سعى الألمان إلى احتلال منطقة فرادن لاستنزاف القوات الفرنسية فكانت النتيجة مقتل 600000 ألف جندي من الجانبين دون أن يصل الألمان إلى هدفهم .
وشن البرطانيون هجوماً ضد الألمان في منطقة السوم في حزيران 1916 دون جدوى . وفي 24 أيار 1915 دذلت إيطاليا الحرب إلى جانب الحلفاء ودخلت بلغاريا إلى جانب دول الوسك في تسرين الأول 1915 وهذا ما سمح للنمسا أن تسحق القوات الصربية . وفي شباط 1915 ، انزل الحلفاء قوات في مضيق الدردنيل لكن الحملة فشلت فسعت بريطانيا إلى استمالة العرب وحثهم على الثورة ضد العثمانيين مقابل تأسيس مملكة عربية .
لكن اتفاقية سايكس – بيكو التي وقعت سنة 1916 بين بريطانيا وفرنسا لتقسيم الدول العثمانية فيما بينهما أجبرت العرب على إعادة النظر في مواقفهم .
ورغم سعي ألمانيا إلى عرقلة المواصلات البحرية ، واستعمالها للغواصات لضرب القوافل المتجهة نحو أوربا عبر المحيط الأطلسي ، ظلت بريطانيا مسيطرة على البحار خاصة بعد معركة جوتلاند التي خاضتها ضد ألمانيا في بحر الشمال في 31 أيار 1916 .
وفي 31 كانون الثاني 1917 أعلن الألمان الحرب البحرية الشمالية واعتقدوا أنه بإمكانهم تركيع بريطانيا خلال ستة أشهر لكنهم تراجعوا في أيلول بعد أن تمكنت بريطانيا من حماية القوافل المتجهة إلى أوربا بمساعدة الأميركيين الذين أعلنوا الحرب على ألمانيا في 4 نيسان 1917 كرد على الحرب البحرية وبدأوا بالوصول إلى أوربا في 26 حزيران 1917 .
وأدت ثورة البلاشفة في روسيا إلى توقيع هدنة بريست ليتوفسك مع الألمان في 15 كانون الأول 1917 وإلى خروج روسا من الحرب مما سمح للألمان بتوحيه فرقهم التي كانت على الجبهة الشرقية إلى الجبهة الغربية والاستفادة من تفوقهم العددي لمحاولة إحراز نصر على الحلفاء قبل وصول الاميركيين . وسعى الالمان في ربيع وصيف 1918 إلى خرق الجبهة الغربية بشنهم أربع هجمات ، 21 آذار و8 نيسان و 27 أيار و15 تموز .
لكن الحلفاء تمكنوا من التصدي لها وشنوا هجوماً معاكساً في 18 تموز اتبعوه بهجوم آخر في 8 آب أدى إلى بدء التراجع الألماني وفي خريف سنة 1918 طلب حلفاء ألمانيا توقيع الهدنة بعد هزيمة بلغاريا في أيلول وتركيا والنمسا في تشرين الأول . وفي 9 تشرين الثاني ، تنازل وليم الثاني عن العرش وفي 11 منه وقعت ألمانيا على هدن فانتهت بذلك (( الحرب الكبرى )) التي كانت الأولى من نوعها في تاريخ البشرية .
منقول

هيثم الفقى
03-21-2009, 02:47 PM
تقرير أجا 103 قضايا معاصره الحرب العالمية الأولى.. أحداث ونتائج
(ذكراها : 13 من رمضان 1332 هـ)
برزت على الساحة الأوروبية ألمانيا وإيطاليا كدولتين قويتين بعد تحقيق وحدتيهما سنة (1287هـ= 1870م)، وأخذتا تطالبان بنصيبها في المستعمرات، وتشاركان الدول الكبرى في التنافس الاستعماري، وفي الوقت نفسه ازدادت التناقضات الأوروبية، وازداد معها الشك وفقدان الثقة بين الدول الأوروبية، وكان مبدأ تحكيم القوة بشكل مطلق في النزاع يسود ذلك العصر؛ فظهرت سياسة الأحلاف الأوروبية الكبرى القائمة على مبدأ توازن القوى، وعرفت أوروبا سباق التسلح بين هذه التحالفات.


أحد معسكرات لاجئي الحرب العالمية الأولى
وكان الزعيم الألماني "بسمارك" قد ربط ألمانيا بمعاهدات تحالف ودفاع ضد كل من روسيا وفرنسا، فأدى ذلك إلى حدوث تقارب روسي ـ فرنسي رغم اختلاف أنظمة الحكم بهما، ووقِّع ميثاق عسكري بينهما سنة (1311هـ= 1893م) ضد ألمانيا عرف بالحلف الثنائي، ليقف في مواجهة التحالف الثلاثي بزعامة ألمانيا، وهكذا انقسمت أوروبا إلى معسكرين. وفي السنوات التالية لذلك بدأت الدول الأوروبية في تحالفات أخرى، منها معاهدة التحالف البريطانية- اليابانية سنة (1320هـ= 1902م)، والاتفاق الودي بين بريطانيا وفرنسا سنة (1322هـ= 1904م).
والمعروف أن بريطانيا بدأت في تسوية خلافاتها مع فرنسا بسبب قلقها من تنامي القوة الألمانية البحرية، وتقدمها الصناعي ونزعتها إلى الفتح والاستعمار، وبذلك تخلت بريطانيا عن سياسة "العزلة المجيدة" عن دول أوروبا، ونتج عن التقارب بين لندن وباريس تقارب مع موسكو، تحول سنة (1325هـ= 1907م) إلى وفاق ثلاثي، وبهذا انقسمت أوروبا بين دول الوفاق الثلاثي -الذي يضم إنجلترا وفرنسا وروسيا-، ودول الحلف الثلاثي الذي يضم ألمانيا والنمسا وإيطاليا، غير أن روابط إيطاليا بالحلف الثلاثي كانت واهية، وأخذ الصراع في أوروبا يتخذ شكل تكتلات بعد أن كان في الماضي يتخذ شكلا انفراديًا، وأصبح التهديد بين دولتين بالحرب يتخذ شكل تهديد بالحرب بين كتلتين، أي حربا عالمية.

الأزمــــــات
وقعت منذ عام (1324هـ= 1906م) أزمات في أوروبا بين دول الوفاق ودول الحلف، وحتى نشوب الحرب العالمية الأولى، وكان أخطر هذه الأزمات في المغرب والبلقان، ففي المغرب كانت سيطرة الفرنسيين الاقتصادية قد استفزت الإمبراطور الألماني "وليم الثاني"؛ فدعت ألمانيا إلى عقد مؤتمر دولي في الجزيرة الخضراء (1324هـ= 1906م) تحول إلى صراع دبلوماسي بين فرنسا وألمانيا، لقيت كل دولة منهما التأييد من حليفاتها. وفي هذا المؤتمر ظهر احتمال قيام حرب بين ألمانيا وكل من: فرنسا وبريطانيا وروسيا، وبحث العسكريون في هذه الدول الخطط المحتملة لهذه الحرب.
وكانت الخطة الألمانية تقضي بأن يسحق الجيش الألماني فرنسا ويخرجها من ميدان القتال بحركة التفاف واسعة النطاق عبر الأراضي البلجيكية، وحين ينتهي من ذلك يقذف بكل قواته ضد الروس، وكان القيصر الألماني قد أصدر تعليمات بأن تقضي الخطة العسكرية بدخول
الألمان باريس خلال أسبوعين من الحرب.
أما الأزمة الثانية فقد وقعت في البلقان سنة (1326هـ= 1908م)، وكانت المشروعات القومية في البلقان تمثل قنبلة موقوتة في قلب أوروبا؛ لأن كل دولة بلقانية لها أحلامها القومية التي تتعارض مع الدول البلقانية الأخرى ومع مصالح الدول الكبرى، وكانت إمبراطورية النمسا والمجر تقف في وجه كل الأماني القومية للصرب والبلغار والرومانيين وغيرهم.
وقد انفجر الصراع عندما قررت النمسا ضم البوسنة والهرسك إليها، وكان هذا الأمر يعني إبعاد مليون صربي عن وطنهم الأم إبعادًا أبديًا، وضمهم إلى الملايين الخمسة من الصربيين الخاضعين لإمبراطورية النمسا، فأعلنت روسيا التي تعتبر نفسها الأم لشعوب البلقان التعبئة العامة في (ذي الحجة 1326هـ= ديسمبر 1908م)؛ لكي تحتفظ بهيبتها.
فبدت الحرب وشيكة الوقوع، غير أن فرنسا لم تبد حماسًا لتأييد روسيا، ونصحت بريطانيا النمسا بإعادة النظر في موقفها؛ فعرضت النمسا تقديم تعويض مالي للسلطان العثماني عن ممتلكاته في البوسنة والهرسك، على أن تقبل الدول الأوروبية الاعتراف بما حدث، إلا أن الروس راوغوا في قبول هذا الاقتراح، فهددت ألمانيا روسيا التي رضخت لهذا التهديد.
وبالتالي لم يكن في وسع الصرب مواجهة النمسا، خاصة أن دعاة الحرب في النمسا كان يروجون لفكرة ضرورة مواجهة الأفعى الصربية، وأن الحرب مع الصرب آتية لا محالة ومن الأفضل التعجيل بها؛ فأقر الصرب بضم النمسا للبوسنة والهرسك، وبذلك انتهت الأزمة التي هزت النظام القائم في أوروبا هزًا عنيفًا بانتصار التحالف الألماني النمساوي، غير أن الطريقة التي هزم بها الوفاق الثلاثي (الروسي- الفرنسي- الإنجليزي) قربت ساحة الحرب بدرجة كبيرة، فقد هزمت روسيا تحت تهديد السلاح الألماني، وكان على دول الوفاق ألا تسمح بحدوث ذلك مرة أخرى.
أزمة أغادير
وجاءت أزمة أغادير في (شعبان 1336هـ= يوليو 1911) لتقرب الطريق إلى الحرب، فقد انتهزت فرنسا الوضع الداخلي في المغرب، وأرسلت حملة بحرية لمساعدة سلطانها، فأثار هذا العمل ألمانيا التي أرسلت إحدى مدمراتها إلى ميناء أغادير المغربي بحجة حماية المصالح والرعايا الألمان؛ فأعلن رئيس الوزراء البريطاني "مانش هاوس" أن بلاده لن تقف ساكنة إذا فُرضت الحرب على فرنسا، وأدرك الجميع بعد خطاب هاوس أن ألمانيا أمام خيارين إما أن تقاتل أو تتراجع، إلا أن هذه الأزمة انتهت باتفاقية أصبحت بمقتضاها المغرب فرنسية، مع احتفاظ ألمانيا بالحق في التجارة بها، وتعويضها بشريطين كبيرين في الكونغو الفرنسي.
وقد تغيرت السياسة الفرنسية تغيرًا جذريًا بعد أزمة أغادير، فقد تولت السلطة في باريس حكومة ذات نزعة وطنية متطرفة بزعامة بوان كاريه، حيث تبنت إستراتيجية الدفاع الهجومي لمواجهة ألمانيا أو ما يعرف بالحرب الوقائية بدلا من إستراتيجية الدفاع فقط، وأدى ذلك إلى قيام فرنسا بحمل روسيا على التخلص من جميع ارتباطاتها مع ألمانيا، في مقابل حصولها على مساندة فرنسية للادعاءات الروسية في البلقان، وأعلنت فرنسا أنه إذا تدخلت ألمانيا في حرب تنشب في البلقان، فستدخل تلك الحرب إلى جانب روسيا في كل الأحوال.
أما إيطاليا فاستغلت أزمة أغادير لتحقيق أطماعها في شواطئ ليبيا وبحر إيجة، وأعلنت الحرب على الدولة العثمانية، فوقفت ألمانيا إلى جانب الدولة العثمانية، وهو الأمر الذي ساعد على خروج إيطاليا من الحلف الثلاثي وإعلانها الحرب على ألمانيا أثناء الحرب العالمية الأولى.

سباق التسلح


استعملت الدبابة لأول مرة في الحرب العالمية الأولى
كان برنامج التسلح الألماني البحري يقوم على أن يكون لألمانيا أسطول بحري مقاتل يكون أقوى من أي قوة بحرية تملكها أعظم دولة بحرية معادية، وقد أقنعت أزمة أغادير بريطانيا وألمانيا بأن الحرب ستكون السبيل الوحيد لحل أي خلاف بينهما في المستقبل؛ لذلك تسابقت الدولتان في التسلح البحري، وكان المبدأ الذي تتمسك به بريطانيا لامتلاكها ناصية البحار هو أن تكون قوة الأسطول الإنجليزي مساوية لجموع قوات أقوى دولتين بحريتين في العالم؛ لذلك قلقت لندن من برنامج التسلح البحري الألماني.

أزمة البلقان
كان الصرب والبلغار يأملون أن تساعدهم روسيا في المستقبل؛ لذلك تنصلوا من وعودهم للنمسا في عدم القيام بدعاية للجامعة الصربية والدولة السلافية الكبرى في داخل النمسا والمجر، وانتهى الأمر بتكوين العصبة البلقانية التي تضم بلغاريا واليونان والصرب، وحذرت الدول الكبرى هذه العصبة من أي محاولة لتمزيق ممتلكات الدولة العثمانية في البلقان، غير أن الصرب أعلنوا الحرب على العثمانيين في (ذي القعدة 1330هـ= أكتوبر 1912م) فاشتعلت الحرب في البلقان، وفي ستة أسابيع انتزعت العصبة البلقانية جميع أراضي العثمانيين في أوروبا ما عدا القسطنطينية.
وأثارت هذه الانتصارات النمسا التي دعت إلى عقد مؤتمر دولي، وكان أهم غرض للنمسا هو حرمان الصرب من منفذ بحري مباشر على بحر الأدرياتيك، وأصبحت ألبانيا مركزًا للصراع الدبلوماسي الشديد بين النمسا وروسيا، لكن المشكلة سويت بإقامة دولة مستقلة في ألبانيا يحكمها ألماني، ووقعت معاهدة لندن التي حصرت الأملاك العثمانية في أوروبا في القسطنطينية وشبه جزيرة غاليبولي.
ولم يكد مداد معاهدة لندن يجف حتى نشبت الحرب بين دول العصبة البلقانية الثلاث على مغانم الحرب، وتدخلت الدولة العثمانية ورومانيا في تلك الحرب، وتدخلت الدول الكبرى لتحقيق مصالحها خاصة روسيا والنمسا، وانتهت الحرب البلقانية الثانية بهزيمة بلغاريا وضعفها، وتنامي قوة صربيا، وتزعزع مكانة النمسا الدولية؛ لذلك فكرت النمسا في سحق صربيا عسكريًا لتفادي خطر تكوين دولة صربيا الكبرى، وبالتالي تسببت الحروب البلقانية في زيادة التوتر داخل الكتلتين الأوروبيتين المتصارعتين: الحلف الثلاثي، والوفاق الثلاثي، والاستعداد لمواجهة عسكرية كبرى.
الحرب العالمية الأولى
وقد تهيأت الظروف لنشوب حرب عالمية كبرى بين الدول الأوربية عقب اغتيال طالب صربي متطرف لولي عهد النمسا الأرشيدق "فرانز فيرديناد" وزوجته في سراييفو يوم (4 شعبان 1332 هـ= 28 يونيه 1914م)، فانتهزت النمسا هذا الحادث وأعلنت الحرب ضد صربيا، وسرعان ما انتشرت هذه الحرب المحلية لتشمل القارة الأوروبية كلها، فقد شعرت روسيا بمسئوليتها عن حماية الصرب فأعلنت التعبئة العامة، ورفضت الإنذار الألماني بوقف
هذه التعبئة، فأعلنت ألمانيا الحرب على روسيا.
ولما كانت فرنسا مرتبطة بتحالف مع روسيا، أعلنت ألمانيا عليها الحرب، وأخذت في تنفيذ مشروعها الحربي في غزو فرنسا عن طريق اختراق بلجيكا ولوكسمبورج في (14 من رمضان 1332هـ= 14 من أغسطس 1914م)، وكانت تلك بداية الحرب العالمية الأولى، التي شارك فيها ثلاثون دولة، واستمرت أربع سنوات ونصف السنة.
كان الحلفاء يتفوقون على ألمانيا والنمسا والمجر في القوة العسكرية، فقد كان لديهم (30) مليون مقاتل، في مقابل (22) مليون مقاتل، وكان للبحرية الإنجليزية السيطرة على البحار. أما الجيش الألماني فكان أفضل الجيوش الأوروبية وأقواها، وبلغت قوته أربعة ملايين وثلاثمائة ألف مقاتل مدربين تدريبًا كاملا، ومليون مقاتل مدربين تدريبًا جزئيًا.
وبدأت ألمانيا في تنفيذ خطتها لغزو فرنسا التي وضعت قبل تسع سنوات، غير أن روسيا انتهزت فرصة انشغال القوات الألمانية في فرنسا، وأرسلت جيشين كبيرين لتطويق القوات الألمانية في روسيا الشرقية، الأمر الذي اضطر ألمانيا إلى سحب ثلثي القوات الألمانية بعد أن كانت على بعد (12) ميلا من باريس، وانتصر الألمان على الروس في معارك تاننبرج الشهيرة، وفقدت روسيا ربع مليون من جنودها، إلا أن هذا الانتصار أدى إلى هزيمة الألمان أمام الفرنسيين في معركة المارن الأولى، وكتب الخلاص لباريس من السيطرة الألمانية، وتقهقر الألمان وأقاموا المتاريس والخنادق، وتحولت الحرب منذ ذلك الحين إلى حرب خنادق احتفظ خلالها الألمان بتفوق نسبي فكانوا على بعد (55) ميلا من باريس.
لم تمنع هزيمة روسيا أمام الألمان من قتال النمسا والانتصار عليها حيث أجبرتها على الارتداد إلى مدينة كراكاو البولندية القديمة، وأصبح الروس في وضع يهددون فيه ألمانيا تهديد خطيرًا؛ لأنهم لو تمكنوا من احتلال كراكاو لأمكنهم تدمير خط الدفاع على الحدود الألمانية بأسره، ولم يجد الألمان وسيلة غير تهديد وارسو في بولندا الخاضعة للسيادة الروسية، واشتبك الطرفان في معارك "لودز" التي انتهت بحماية الحدود الألمانية.

الدولة العثمانية والحرب العالمية الأولى
وفي نهاية (ذي الحجة 1332هـ= أكتوبر 1914م) دخلت الدولة العثمانية الحرب إلى جانب ألمانيا ضد روسيا، فقام الحلفاء بحملة عسكرية ضخمة على شبه جزيرة غاليبولي بهدف إنشاء ممر بين البحرين الأبيض والأسود، والاستيلاء على القسطنطينية لإنقاذ روسيا من عزلتها، وتطويق ألمانيا، غير أن هذه الحملة فشلت وانهزم الأسطول الإنجليزي وكانت كارثة كبيرة للحلفاء، فعمدوا إلى مهاجمة الدولة العثمانية في ممتلكاتها في الشرق الأوسط فاستولوا على الممتلكات الألمانية في الشرق الأقصى والمحيط الهادي.

إيطاليا والحرب العالمية الأولى
وفي (رجب 1333هـ= مايو 1915م) أعلنت إيطاليا الحرب على النمسا بعد أن كانت أعلنت حيادها عند نشوب الحرب، فقد أغراها الحلفاء بدخول الحرب لتخفيف الضغط عن روسيا مقابل الحصول على أراض في أوروبا وإفريقيا، واستطاع الإيطاليون رغم هامشية دورهم وضع الإمبراطورية النمساوية في أحرج المواقف؛ لذلك قامت الدول المركزية بحملة عليها بقيادة القائد الألماني بيلوف، وألحقوا بإيطاليا هزيمة ساحقة في كابوريتو في (المحرم 1336هـ= أكتوبر 1917م)، وأصبح ضعف إيطاليا هو الشغل الشاغل للحلفاء طوال ذلك العام.
الحرب عام 1915
استطاع الألمان عام (1334هـ= 1915م) تحقيق مزيد من الانتصارات على الحلفاء، فألحقوا الهزيمة بالروس في معركة "جورليس تارناو" في (رجب 1333هـ= مايو 1915م)، واحتلوا بولندا ومعظم مدن لتوانيا، وحاولوا قطع خطوط الاتصال بين الجيوش الروسية وقواعدها للقضاء عليها، إلا أن الروس حققوا بعض الانتصارات الجزئية على الألمان، كلفتهم (325) ألف أسير روسي، الأمر الذي لم يتمكن بعده الجيش الروسي من استرداد قواه.
وأدى النجاح الألماني على الروس إلى إخضاع البلقان، وعبرت القوات النمساوية والألمانية نهر الدانوب لقتال الصرب وألحقوا بهم هزيمة قاسية.
واستطاع الألمان في ذلك العام أن يحققوا انتصارات رائعة على بعض الجبهات، في حين وقفت الجبهة الألمانية ثابتة القدم أمام هجمات الجيشين الفرنسي والبريطاني، رغم ظهور انزعاج في الرأي العام الإنجليزي من نقص ذخائر الجيش البريطاني ومطالبته بتكوين وزارة ائتلافية، وحدثت تغييرات في القيادة العسكرية الروسية.

الحرب عام 1916
تميز ذلك العام بمعركتين كبيرتين نشبتا على أرض فرنسا دامت أحداهما سبعة أشهر، والأخرى أربعة أشهر، وهما معركة "فردان" و"السوم"، خسر الألمان في المعركة الأولى (240) ألف قتيل وجريح، أما الفرنسيون فخسروا (275) ألفا. أما معركة السوم فقد استطاع خلالها الحلفاء إجبار الألمان على التقهقر مائة ميل مربع، وقضت هذه المعركة على الجيش الألماني القديم، وأصبح الاعتماد على المجندين من صغار السن، وخسر الجيش البريطاني في هذه المعركة ستين ألف قتيل وجريح في اليوم الأول.
وظهرت في هذه المعارك الدبابة لأول مرة في ميادين القتال، وقد استطاع الروس خلال ذلك العام القيام بحملة على النمسا بقيادة الجنرال بروسيلوف، وأسروا (450) ألف أسير من القوات النمساوية والمجرية؛ فشجع هذا الانتصار رومانيا على إعلان الحرب على النمسا والمجر، فردت ألمانيا بإعلان الحرب عليها، واكتسح الألمان الرومانيين في ستة أسابيع ودخلوا بوخارست.

حرب الغواصات والولايات المتحدة
وجرت في ذلك العام حرب بحرية بين الألمان والإنجليز عرفت باسم "جاتلاند"، خرج خلالها الأسطول الألماني من موانيه لمقاتلة الأسطول الإنجليزي على أمل رفع الحصار البحري المفروض على ألمانيا، وانتصر الألمان على الإنجليز وألحقوا بالأسطول الإنجليزي خسائر فادحة، ولجأ الألمان في تلك الفترة إلى "حرب الغواصات" بهدف إغراق أية سفينة تجارية دون سابق إنذار، لتجويع بريطانيا وإجبارها على الاستسلام، غير أن هذه الحرب استفزت الولايات المتحدة، ودفعتها لدخول الحرب في (رجب 1335هـ= إبريل 1917م)، خصوصًا بعد أن علمت أن الألمان قاموا بمحاولة لإغراء المكسيك لكي تهاجم الولايات المتحدة في مقابل ضم ثلاث ولايات أمريكية إليها.
وكانت الولايات المتحدة قبل دخولها الحرب تعتنق مذهب مونرو الذي يقوم على عزلة أمريكا في سياستها الخارجية عن أوروبا، وعدم السماح لأية دولة أوروبية بالتدخل في الشؤون الأمريكية، غير أن القادة الأمريكيين رأوا أن من مصلحة بلادهم الاستفادة من الحرب عن طريق دخولها.
وقد استفاد الحلفاء من الإمكانات والإمدادات الأمريكية الهائلة في تقوية مجهودهم الحربي، واستطاعوا تضييق الحصار على ألمانيا على نحو أدى إلى إضعافها.

الحرب عام 1917
ومن الأحداث الهامة التي شهدها عام (1336 هـ= 1917م) قيام ونجاح الثورة البلشفية في روسيا، وتوقيع البلاشفة صلح برست ليتوفسك مع الألمان في (جمادى الآخرة 1336هـ= 1918م)، وخروج روسيا من الحرب. وشهد ذلك العام ـ أيضًا ـ قيام الفرنسيين بهجوم كبير على القوات الألمانية بمساعدة القوات الإنجليزية، غير أن هذا الهجوم فشل وتكبد الفرنسيون خسائر مروعة سببت تمردًا في صفوفهم، فأجريت تغييرات في صفوف القيادة الفرنسية.
ورأى البريطانيون تحويل اهتمام الألمان إلى الجبهة البريطانية، فجرت معركة "باشنديل" التي خسر فيها البريطانيون (300) ألف جندي بين قتيل وجريح، ونزلت نكبات متعددة في صفوف الحلفاء في الجبهات الروسية والفرنسية والإيطالية، رغم ما حققه الحلفاء من انتصارات على الأتراك ودخولهم العراق وفلسطين.

الحرب عام 1918 ونهاية المأساة
شجع خروج روسيا من الحرب القيادة الألمانية على الاستفادة من (400) ألف جندي ألماني كانوا على الجبهة الروسية وتوجيههم لقتال الإنجليز والفرنسيين، واستطاع الألمان تحطيم الجيش البريطاني الخامس في (جمادى الأولى 1336هـ= مارس 1918م)، وتوالت معارك الجانبين العنيفة التي تسببت في خسائر فادحة في الأرواح، والأموال، وقدرت كلفة الحرب في ذلك العام بحوالي عشرة ملايين دولار كل ساعة.
وبدأ الحلفاء يستعيدون قوتهم وشن هجمات عظيمة على الألمان أنهت الحرب، وقد عرفت باسم "معركة المارن الثانية" (شوال 1336هـ= يوليه 1918م) وكان يوم (1 من ذي القعدة 1336 هـ = 8 أغسطس 1918 م) يومًا أسود في تاريخ الألمان؛ إذ تعرضوا لهزائم شنيعة أمام البريطانيين والحلفاء، وبدأت ألمانيا في الانهيار وأُسر حوالي ربع مليون ألماني في ثلاثة شهور، ودخلت القوات البريطانية كل خطوط الألمان، ووصلت إلى شمال فرنسا، ووصلت بقية قوات الحلفاء إلى فرنسا.
واجتاحت ألمانيا أزمة سياسية عنيفة تصاعدت مع توالي الهزائم العسكرية في ساحات القتال، فطلبت ألمانيا إبرام هدنة دون قيد أو شرط، فرفض الحلفاء التفاوض مع الحكومة الإمبراطورية القائمة، وتسبب ذلك في قيام الجمهورية في ألمانيا بعد استقالة الإمبراطور الألماني، ووقعت الهدنة التي أنهت الحرب في (6 من صفر 1337هـ= 11 نوفمبر 1918م) بعد أربع سنوات ونصف من القتال الذي راح ضحيته عشرة ملايين من العسكريين، وجرح (21) مليون آخرين.
منقول