المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : "أبرز عمالقة الفكر العربي" أبو النصر الفارابي



hazem mohamed
11-14-2012, 01:46 PM
"أبرز عمالقة الفكر العربي" أبو النصر الفارابي

أبو النصر الفارابي ....أستاذ المنطق الفقيه والفيلسوف والموسيقي والرياضي العربي الفذ"أبرز عمالقة الفكر العربي"


قال الله تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [الزمر:9]. وقال تعالى: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [المجادلة:11]

*عصر غريب!!:

الفارابي،هو محمد بن أوذلغ بن طرخان، الشهير باسم الفارابي نسبة إلى فاراب ، مولده. صاحب لقب " المعلم الثاني " بعد المعلم الأول أرسطو. . وأعظم فلاسفة الإسلام، صاحب المؤلفات القيمة في الفلسفة والمنطق والموسيقى والعلوم.
ولد الفارابي في بلدة تسمى وسيج من مدن فاراب في عام 873 م (260 هـ) وتوفي في الثمانين من غمره عام 950 م (339هـ) وكانت الحالة السياسية خاضعة للصراع من سلطة الخليفة من ناحية وسلطة الأتراك من الناحية الأخرى، فكثرت المكائد والمؤامرات والاغتيالات.

*زهد وتقدير:

مع أن الفارابي عاش حياته زاهدا في المال والسلطة ، لا يتصل بالسياسة إلا فكره ورؤيته للحياة المثالية الفاضلة. فقد كان هذا هو الحال للدول العربية التي تحرك بينها من الناحية السياسية. وعلى أي حال فقد كان حكام الدول والإمارات ينظرون إلى الفارابي كعالم جليل ، يحظى بالاحترام والتقدير. كما كان الحال مع سيف الجولة الحمداني.
في ذلك العصر، تطرقت الرفاهية إلى الحياة الاجتماعية، خاصة بين الطبقات العليا والأغنياء. فظهرت فنون الهندسية الشرقية في قصور الخلفاء والأمراء والقادة والتجار، فكانت دورهم فخمة ذات اتساع ، تضم حدائق غناء. فانتشرت مجالس الغناء والطرب يعقدها الخلفاء والحكام ويحضرها الشعراء والمغنون والأدباء والموسيقيون وأهل الفكاهة. ومع هذا أو بسببه، ازدهرت الصناعة ونمت الجارة والزراعة، فتقدمت الصناعات اليدوية. واشتهرت كل مدينة بنوع خاص من الصناعة يتوارثه الأبناء عن الآباء. ومن ناحية أخرى نرى صورة مغايرة : نرى اختلال الأمن بسبب كثرة الحروب بين الأمراء ، وبسبب غارات الجند وانقلاباتها، مما أشاع البطالة بين الناس وجعل عامة الشعب تعاني من الفقر واختفاء الأمن والطمأنينة.
ولد الفارابي وعاش ومات في عصر تعددت فيه الحركات الدينية، بتعدد الحركات السياسية.


*عربي الموطن والثقافة:

من هنا اشتهر أبو النصر بلقب الفارابي، نسبة إلى مسقط رأسه في فاراب. واكتسب أبو نصر لقبه من نسبته إلى ولاية فاراب التي تضم مدينة وسيج التي ولد فيها معظم المؤرخون الذين كتبوا عن الفارابي يقولون أنه فارابي الأصل . وقال أحدهم، وهو ابن أبي أصيبعة: إن أباه كان قائد الجيش وكان فارسي النسب. كما أن الفارابي عندما غادر فاراب لم يرجع إليها، وأمضى سنوات دراسته وانتاجه في عدد من العواصم العربية : بغداد ، حلب، دمشق، مصر. . . وثقافة الفارابي في بغداد والشام كانت ثقافة عربية . كما أن مؤلفات الفارابي التي زادت عن المائة كانت كلها باللغة العربية.
لهذا ، استحق الفارابي لقب "فيلسوف العرب" ذلك لأنه كان عالما عربيا مبتكرا وفيلسوفا عربيا مبدعا وموسيقيا عربيا بارعاً، كما كان أديبا عربيا في علمه وثقافته وموطنه ، ومؤلفا من كبار المؤلفين.


تفوقه على أساتذته:

دخل بغداد على عهد الخليفة المقتدر العباسي. وصل إليها وفي عزمه أن يستعيد من وجوده بين طائفة من أفضل العلماء في مختلف التخصصات و العلوم .
بدأ بدراسة اللغة العربية على يد أبى بكر ابن السراج ،كذلك درس عليه النحو و كان ابن سراج في نفس الوقت يتعلم منه علم المنطق ، سمع الفارابي بعد ذلك عن الأستاذ يوحنا بن خيلان الذي يعيش في مدينة (حران) فسافر إليه ليدرس على يديه الفلسفة و المنطق ، وقد استفاد الفارابي من معرفة ابن خيلان بعلوم الطب ، فدرس الطب على يديه ،و إن لم يشتغل به الفارابي بعد ذلك . و عندما انتهت دراسته في (حران) عاد إلى بغداد و عندما عاد إلى بغداد واصل دراسة الفلسفة والمنطق ثم اتجه لدراسة الرياضيات والموسيقى. وظل الفارابي ينهل من معين العلم في بغداد يقرأ ويدون الملاحظات وتحضير مجالس العلم والعلماء. حتى تفوق في علمه ومعرفته على أساتذته.


*صفة "المعلم الثاني":

إنّ سر اهتمام الفارابي بالفلسفة والحكمة، هو أن رجلا من طلاب العلم، أودع عنده جملة من الكتب لأرسطو كأمانة، وأن الفارابي أخذ يقرأ في هذه الكتب، فأعجبته الموضوعات التي تتحدث عنها. وهكذا انكب على هذه الكتب ، يستوعب ما بها ويتفهم معانيها، حتى أحاط بها. وصار فيلسوفا كبيرا.
رأي الفارابي في بغداد ، وقد تجاوز الخمسين من عمره،يدرس الفلسفة والمنطق والرياضيات والموسيقى واللغة ويسعى إلى كبار الأساتذة، مسافرا من بغداد إلى حران ، لا يجد في ذلك حرجا، ولا يجد بكبر السن مانعا في مواصلة الدرس والبحث، ولهذا استحق لقب : "المعلم الثاني".



*أستاذ ابن سينا:


من أقوال ابن سينا في الفارابي: "سافرت في طلب الشيخ أبي نصر، وما وجدته، وليتني وجدته، فكانت حصلت إفادة." وهو يعني بهذا أنه سافر يبحث عن الفارابي ليستفيد من علمه. فلم يوفق في ذلك ، وهو يأسف لهذا، فقد كان من الممكن أن ينتفع بعلم الفارابي إلى حد بعيد.
وهكذا يعترف العالم والفيلسوف الكبير ابن سينا، بأستاذية الفارابي ، فهو لم يفهم كتاب " ما بعد الطبيعة" رغم أنه قرأه أربعين، وحفظه عن ظهر قلب، لكن ابن سينا، ما إن قرأ كتابات الفارابي الواضحة حول هذا الموضوع، حتى فهم كتاب أرسطو، وتوصل إلى معانيه وأفكاره.
فقد كانت حياة الفارابي في بغداد وحلب ودمشق ومصر، حياة دراسة وتدوين وتعلم وانتاج. ولقد نبغ الفارابي في الفلسفة بمعناها الواسع الذي كان مستخدما في ذلك الوقت نبوغا ملفتا للنظر، تفوق في الفلسفة بوصفها العالم الجامع الشامل الذي يضع أمام الإنسان صورة كلية شاملة للكون بكل ما فيه. لهذا اعتبر ان الفارابي في أنحاء العالم كله: أكبر الفلاسفة بعد أرسطو. وأعظم من شرح ووضح ونشر آراء أرسطو المعلم الأول، ولهذا حصل بحق على لقب: "المعلم الثاني".
شهادة من أهل الغرب:
لقد كان الفارابي في هذه الفترة من عمره منتجا إلى أبعد حد من حدود الإنتاج. أخرج للناس المؤلفات والرسائل ما يزيد على المائة. بل وفي قول بعض المؤرخين ما يزيد على المائتين، تناول فيها الفلسفة بفروعها وعلوم النجوم والمنطق والإعداد والهندسة والموسيقى. وكان يدون كتبه هذه بأسلوب ممتاز. لا إطالة فيه أو استطراد؛ عندما لا يقتضي الأمر كذلك مع دقة في التعبير، ومنطق مرتب في تتابع الحقائق وربط الموضوعات بعضها ببعض.
ومما يذكر، أن بعض الأوروبيين عندما وقعت في أيديهم بعض رسائل الفارابي القيمة؛ نقلوا محتوياتها إلى لغاتهم. ونسبوها إلى أنفسهم . لكن البحث العلمي والتحقيق الدقيق، كشف عن هذا وأعاد إلى الفارابي فضه وأسبقيته.
ولقد شهد أهل القرب بفضل الفارابي في أكثر من مناسبة وعلى مدى القرون التي بين زمنه وزماننا ، وهذا ما قاله المستشرق دياخو عن رأيه في شخصية الفارابي، قال: "إن الفارابي شخصية قوية وغريبة حقا"
وهو –عندي – أعظم جاذبية وأكثر طرافة من ابن سينا، لأن روحه كانت أوفر تدفقا وجيشانا، ونفسه أشد تأججا وحماسة. . لفكره وثبات كوثبات الفنان، وله منطق مرهف بارع متفاوت، ولأسلوبه مزية الإعجاز والعمق".


*أخلاق المفكر:

إلى جانب هذا التفوق العلمي والعقلي، الذي شهد به أهل الغرب والشرق، تحدث المؤرخون عن أخلاق الفارابي: فقالوا انه كان زكي النفس، هادئ الطبع، ساكنا لا يعبأ بشيء من أمور الدنيا، من مأكل أو مشرب أو ملبس أو مسكن.
كانت أغلب ملابسه من ملابس الأتراك، يقتصر على أبسط أنواع الغذاء. كان أكثر أيامه ينفرد بنفسه لا يجالس الناس، ولا يكون عادة إلا حيث المياه الجارية والحدائق المتشابكة الأشجار. هناك كان يؤلف كتبه، ويزود تلاميذه والذين يسعون إلى تلقي العلم على يديه، فيسألونه فيما استعصى عليهم، وليس أدل على زهده من رفضه عطايا سيف الدولة الحمداني واكتفاؤه بأربع دراهم باليوم. لا يطلب غيرها لضروريات معيشته.
واذ كان الفارابي قد آثر حياة الزهد والاعتزال والبعد عن الناس، وعن السعي إلى المناصب والوظائف، فإنه لا ينصح الآخرين بهذا الموقف من الحياة ولا يجعل لنا حياته نموذجا يقتدى في هذا المجال


*نهاية جليلة:

مضت حياة الفارابي يسودها الزهد والتقشف والانكباب على الدراسة والإنتاج حتى توفي في دمشق سنة 950 هجرية، واختلف المؤرخون في تاريخ ولادته وفي نسبه وفي تاريخ سفره إلى بغداد، واختلفوا أيضا في وفاته، وذكر البعض رواية غريبة عن وفاته.


*مؤلفات الفارابي:

كانت حياته الفكرية حياة خصبة، وقد بلغت مؤلفاته من الكثرة ما جعل بعض المستشرقين يخصص لحصرها مجلدا ضخما، ولكن أغلب هذه المؤلفات قد ضاع ولم يبق منها غير أربعين مؤلفا وهي:
1. المنطق: 7 مؤلفات، من بينها : كتاب التوطئة في المنطق و كتاب شرائط البرهان، وهو يتضمن كل ما يحتاج إليه كل دارس لعلم النطق.
2. الخطابة والشعر: وهي 3 مؤلفات ، من بينها : شرح كتاب الخطابة لأرسطو ورسالة في "قوانين صناعة الشعر".
3. نظرية المعرفة: 4 مؤلفات من بينها " رسالة في العقل والعقول" و " إحصاء العلوم" و " مراتب العلوم".
4. ما بعد الطبيعة والفلسفة العامة: 12 مؤلفا من بينها" فصوص الحكم" و " الجمع بين رأييي الحكيمين: أفلاطون الالهي وأرسطو طاليس" وعيون المسائل، وتعليقات الحكمة.
5. الفيزياء وعلم الطبيعة: 5 مؤلفات من بينها كتاب في " أصول علم الطبيعة" ومقالة في وجوب صناعة الكيمياء ، ورسالة في ما يصح وما لا يصح من أحكام النجوم.
6. الموسيقى: وصل إلينا مؤلف واحد هو كتاب الموسيقى الكبير.
7. الأخلاق والفلسفة السياسية: 7 مؤلفات بينها كتاب" آراء أهل المدينة الفاضلة" وكتاب" السياسة المدنية" وكتاب " تحصيل السعادة" وكتاب " تلخيص نواميس أفلاطون".


*أسلوب الفارابي:

دقيق مركز، ليس فيه تكرار أو ترادف وهو يعتني باللفظ والعبارة ويعطي أغزر المعاني في جمل مختصرة، يمر على الأمور التي يفترض أنها معروفة دون أن يطيل شرحها. ولا تستوقفه المعلومات العادية ، لكنه عندما يتصدى للحديث عن الأسس وجوهر المبادئ: يوفي الحديث حقه بما يكشف الغموض عن آرائه وآراء الآخرين. ويتميز الفارابي في أبحاثه بالترتيب ووضوح الانكسار وخير شاهد على ذلك ، رسالته المسماة " ما ينبغي أن يقدم قبل تعلم الفلسفة" فهي أشبه ما يكون بفهرس مقسم مبوب لعرض المدارس الفلسفية اليونانية. مبينا مصدر تقسيمها أو أسماء رواد هذا المدارس الفلسفية.


*أهم آراء الفارابي:

- في الفلسفة:كانت الفلسفة بمعناها الواسع أوضح ناحية من نواحي نبوغ الفارابي ، فمعظم بحوثه كانت متجهة إلى تجديد بحوثها، هو يعتبر المؤسس الحقيقي للدراسات الفلسفية في العالم العربي. . . وحاول الفارابي أن يوفق بين الآراء الفلسفية لأفلاطون وأرسطو. والفارابي يرى أن الفلسفة ليست علما جزئيا، كعلوم الرياضيات والطبيعة والطب وما شابهها، وإنما هي علم "كلي" يرسم لنا صورة شاملة للكون بكل ما فيه، ويقول أن " الفيلسوف الكامل" هو الذي يحصل على العلم الكلي ويكون له في نفس الوقت القدرة على استعماله، أو كما يقول هو: "الذي يحصل الفضائل النظرية أولا، ثم الفضائل العلمية ببصيرة يقينية".

- المنطق:يقول ابن خلدون في مقدمته " أن أرسطو سمي بالمعلم الأول لأنه هذب وجمع ما تفرق من مباحث المنطق ومسائله. فأقام بناء متماسكا، وجعله من أول العلوم الحكيمة وفاتحتها. وسمي الفارابي بالمعلم الثاني لما قام به من تأليف كتاب بجمع وترتيب ما ترجم قبله من مؤلفات أرسطو خاصة ، فمنذ أيام الفارابي أضحت كتب أرسطو ورتبت
على صورة لم تتغير في حجمها، وصارت تفسر وتشرح على طريقة الفارابي.

- الأخلاق والسياسة:أهم كتب الفارابي في الأخلاق السياسية : "كتاب آراء أهل المدينة الفاضلة " ومدينة الفارابي الفاضلة ليست صورة مصغرة لكتابات أفلاطون في تصوره الذي يعرف باسم "جمهورية أفلاطون" ، لقد استعان الفارابي فعلا بفلسفة اليونان وجمهورية أفلاطون، ولكن استعان أيضا بالإسلام وأحكامه، وأضاف إلى هذا كله تجاربه وخبراته. وفي مدينته الفاضلة يصف الفارابي الأمة باعتبارها جسما واحدا لا يستقيم أمره إلا بالتضامن والتعاون وتوزيع الأعمال وتنسيقها على أساس الاستعدادات والمواهب والقابليات. وأن الدول لا تتقدم ولا تسير نحو السعادة قدما إذا لم يكن على رأسها الحكماء والفلاسفة المعروفون بكما العقل وقوة الإدراك وقوة الخيال.

- العلوم:يقال عن الفارابي أنه أدل من قام بمحاولة لوضع دائرة معارف شاملة، وقد ظهر هذا في تصنيفه للعلوم وإحصائها. وهو يقسم العلوم في كتابه "إحصاء العلوم" إلى ستة أقسام: علوم اللغة، علوم المنطق بما فيها الخطابة والجدل، الرياضيات، العلوم الطبيعية ، العلوم المدنية، علم الكلام، علم ما وراء الطبيعة.

- الموسيقى:ينسب إلى الفارابي من صناعة وابتكار آلة القانون الموسيقية وغيرها من الآلات الموسيقية الغربية، وما يقال من إجادته العزف على الآلات ، فله إلى جانب هذا العديد من الأفكار القيمة في علم الموسيقى تتضمنها كتبه ورسائله في هذ1 الموضوع . من بين هذه الكتب التي لم تصل أغلب نصوصها إلينا : "كتاب الموسيقى الأكبر" و "كلام في الموسيقى" وكتاب "إحصاء الإيقاع".


- ومن أقوال رجال الغرب في فضل العرب:

- أن العرب في الواقع أساتذة أوروبا في جميع فروع المعرفة. (العلامة سيديو).
- العلوم والحضارة والآداب مدينة بازدهارها وانتشارها إلى العرب وحجهم طول ستة قرون. (الفيلسوف ارنست رينان).