المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بحث محمد محود عبد السلام شعبان دبلوم القانون العام مجموعة العدالة عام 2011 - 2012



محمد محمود عبد السلام
12-13-2011, 02:41 PM
لاشك ان الجزاءات التأديبية هي من الجزاءات الادارية ( تعد بقرارات ادارية ) والعكس ليس صحيح مثل التأخر عن سداد رسوم ادارية معينة .
ومن المقرر ان مجازاة الموظف بصفة ادارية او توقيع عقوبة علية من مجلس التأديب عن فعل وقع منه لا يحول ايهما دون امكان محاكمته امام المحاكم الجنائية بمقتضي احكام القانون العام عن كل جريمة يتصف بها هذا الفعل وذلك لاختلاف الدعويين الجنائية والتأديبية بما لا يمكن معه ان يحوز القضاء فى الدعوى التأديبية قوة الشيء المحكوم فيه بالنسبة للدعوي الجنائية .(1)
(1) راجع الطعن رقم 0753 لسنة 37 مكتب فني 18 صفحة رقم 792 , محكمة النقض بتاريخ 12/6/1967.
اوجه التشابه والاختلاف بين الجريمة الجنائية والجريمة التأديبية :-
• اوجه التشابه :
- تقوم الجريمة الجنائية والتأديبية على فكرة الخطأ , والعقاب , وتأخير او الحرمان من الترقية , والاثبات , وضرورة توافر تحقيق .
• اوجه الاختلاف :
- الجريمة الجنائية واضحة لورودها على سبيل الحصر على عكس الجريمة التأديبية لتعلقها بواجبات الوظيفة , ولا يتسع المجال لحصرها ولكن من الممكن حصر الجزاءات التى يمكن توقيعها على جميع المخالفات لذلك عرف القضاء الجريمة التأديبية بأنها اتيان العامل بارادته فعلا ايجابيا كان او سلبيا يكون من شأنه مخالفة الواقع او الاخلال بمقتضي الواجب الوظيفي المنوط به تأديته وان يكون من شأن الفعل ان يحط من كرامة الوظيفة .
- مبدأ الشرعية يحكطم الجرائم الجنائية ( لا جريمة ولا عقوبة الا بقانون ), اما فى الجرائم التأديبية فمبدأ الشرعية هو الاطار العام الذى لا يجوز ان تتعداه سلطة التأديب فى اعتبار افعال بذاتها جريمة تأديبية وفرض رقابة على صحة قيام الواقعة وسلامة التكييف القانوني لها .
- العقوبة الجنائية تهدف الى ردع المجرم وحماية المجتمع , اما العقوبات التأديبية تهدف الى جماية الوظيفة العامة .
- العقوبة الجنائية قد تمس المجرم فى حياته او حريته او ماله , اما العقوبة التأديبية فلا تمسه سوى فى حياته الوظيفية او ماله (مثال الخصم من الراتب) .
- الحكم الجنائي له حجيه امام السلطة التأديبية وليس الامر كذلك بالنسبة للاحكام التأديبة .
أركان الجريمة التأديبية :
1- الركن الشرعي .
وهو الصفة الغير مشروعة للفعل ويتحقق ذلك اما بخضوعه لنص تجريم يقرر القانون عقابا لمن يرتكبه او عدم خضوعه لسبب اباحة .
2- الركن المادي .
ويعني ماديات الجريمة والمظهر الذى تبرز به الى العالم الخارجي .
3- الركن المعنوي .
ويعني الخطأ العمدي او غير العمدي .
*القواعد التى تحكم الركن المادي فى الجريمة الجنائية والجريمة التأديبية .
الجرائم المادية ( الركن المادي ) = نشاط (سلوك ) + نتيجة + علاقة سببية .
الجرائم الشكلية الركن المادي عبارة عن النشاط فقط .
- توافر النشاط ضروري للجريمة الجنائية والتأديبية .
فلا يكفي مجرد توافر النوايا ( الركن المعنوي ) دون الركن المادي , تخضع المسئولية الجنائية والتأديبية لمبدأ شخصية العقوبة ( الشخص الذي صدر عنه النشاط ) , فقضي بأنه اذا عاقبت الادارة شقيق مرتكب الوزر دون مشاركته فيه تكون منحرفة وقرارها باطل .
وفي حالة شيوع التهمة فلابد ان يثبت نسبة نشاط معين الى شخص معين حتي يتسني للادارة مجازاة الشخص , (وذلك كما فى مجال المسئولية الجنائية) والا كان القرار فاقد لركن السبب .
مثال عاقبت الادارة ثلاث حراس لوقوع حادث سرقة دون امكانية تحديد وقت وقوعة اى فى اى فترة لحراسة ايا منهم فعاقبتهم بخصم 3 ايام + 450 جنيه من راتب كلا منهم .

- مفهوم النشاط الجنائي والنشاط التأديبي .
اذا ارتكب الموظف جريمة من جرائم المال العام ( التربح او الاختلاس .....) فيكون قد ارتكب خطأ تأديبي لوحدة الخطأ الجنائي والتأديبي والعكس ليس صحيحا اما لتخلف الشرط المفترض مثل كون الجاني موظف فى جريمة الرشوة , او الركن المادي كتغيير الحقيقة فى التزوير , او الركن المعنوي كتعمد الاضرار بالمال العام , لكن قد يسأل عن جريمة تأديبية اخري .
وقد أكدت المحكمة الادارية العليا استقلال النشاط فى الجريمة الجنائية عن الجريمة التأديبية من حيث ان الجريمة التأديبية هي مخالفة الموظف واجبات الوظيفة وكرامتها ام الجريمة الجنائية فهي الخروج عن المجتمع وهو ما ينظمه قانون العقوبات والوقوانين الجنائية الاخري , فالاستقلال قائم ولو وجد ثمة ارتباط .
كما ان الحكم التأديبي يورد النشاط التأديبي ولا يكتفي بالنشاط الجنائي لعدم كفايته فى التسبيب من الناحية التأديبية . فاذا اسند الجزاء التأديبي الى نظام قانوني اخر مثل قانون العقوبات يكون الجزاء المقضي به معيبا مثل اسناد جزاء العزل استنادا لوصف الجريمة بالتزوير او الاختلاس , وهذا ما اطردت عليه احكام المحكمة الادارية العليا لان ذلك قلب للدعوي التأديبية الى دعوي جنائية مما يخالف غرض المشرع من المحاكمة التأديبية .
• التجريم التأديبي لا يعرف نظرية الشروع فى الجريمة ( قانون العاملين المدنيين بالدولة ) .
• التجريم التأديبي لا يأخذ بنظرية المساهمة الجنائية .
• عدم تطلب وقوع النتيجة فى الجريمة التأديبية فهي من جرائم الخطر .
• عدم تطلب علاقة السببية فى الجريمة التأديبية .

برهامى
03-23-2012, 07:36 AM
للأخ الفاضل محمد محمود عبد السلام :
استمتعت بقراءة بحثك ، ولى تساؤل : ما هى الضمانة والرقابة على عدم استغلال الإدارة غياب مبدأ الشرعية فى تحديد النموذج التجريمى بأن توسع جهة الإدارة دائرة التصرفات التى تدخل فى عداد الجرائم التأديبية؟
وعلى نحو أخر أن غياب مبدأ الشرعية بتيح للإدارة استغراق جميع التصرفات ( بتقدير شخصى) بكونها جريمة تأديبية ؟ فما هو معيار تحديد أن التصرف يمثل جريمة والذى يقيد سلطان الإدارة بالتفسير طبقا لأهوائها؟
السؤال بصياغة ثالثة موضوعية ؛هناك موضوعان يفرضان بقوة على الساحة الشرطية:
- أولهم انشاء نقابة للشرطة وتم مواجهتهم باتهام بموجب نص الفقرة الثالثة من المادة 41 من القانون 109 الخاص بهيئة الشرطة والتى تنص تحت عنوان واجبات الضباط " 3- أن ينفذ ما يصدر إليه من أوامر بدقة وأمانة وذلك في حدود القوانين واللوائح والنظم المعمول بها، ويتحمل كل رئيس مسئولية الأوامر التي تصدر منه وهو المسئول عن حسن سير العمل في حدود اختصاصه."
- وثانيهم اطلاق اللحية والتى استندت إلى نص الفقرة الرابعة من نفس المادة : 4- أن يحافظ على كرامة وظيفته طبقا للعرف العام ، وأن يسلك في تصرفاته مسلكا يتفق والاحترام الواجب لها." ويلاحظ أن الإدارة تمسكت بالعرف العام وليس الخاص ، ولم توضح طبيعة هذا العرف ، بل أن العرف العام يؤيد اطلاق اللحية فضلا عن استنادها لحق دستورى ثابت .
أرجو إبداء الرأى نحو الرقابة أو الضمانة على عدم التوسع فى التفسير ( بغض النظر عن المخالفة الدستورية)

محمد محمود عبد السلام
03-28-2012, 09:16 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اولا: الحمد والشكر لله
ثانيا : اتقدم بجزيل الشكر للدكتورة شيماء عطالله علي كل مساهماتها الفعالة
ثالثا : شكرا للاخ الفاضل برهامي علي التعليق
واود ان اذكر ان طبيعة المخالفة التأديبية ومدى خضوعها لمبدأالمشروعية، والعقبات التي تعترض تطبيق هذا المبدأ،ومرد ذلك أن هذه المخالفات تستعصي على الحصر والتحديد، فليس بمقدور المشرع تعدادها على وجه الدقة كما هو الشأن بالنسبة للجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات .
ويترتب على ذلك نتائج بالغة الخطورة أهمها : إفساح المجال أمام الرؤساء الإداريين وهيئات التأديب للحكم على تصرفات الموظفين وغيرهم من العاملين في المهن والمؤسسات المختلفة، وتقدير ماإذا كان الفعل الصادر عنهم يُعدّ مخالفة تستوجب التأديب والعقاب .
ورغم الاقراربالصعوبات المشار إليها فلا تردد بالمناداة بضرورة تقنين الواجبات والمحظورات الوظيفية والمهنية بأقصى درجة ممكنة من الوضوح، ليكون الأشخاص المخاطبون بهذه القواعد على علم بما هو مطلوب منهم وما هو محظور عليهم، علاوة على أنّ اتباعهذا الأسلوب يُضيق الخناق على سلطات التأديب ويحد من تعسفها في تقديرها وتكييفهالما يصدر عنهم من أفعال، وفي ذلك ضمان لحقوقهم وحماية لحرياتهم .
المخالفة التأديبية هي فعل أو امتناع يمثل إخلالاً بواجبات الوظيفة أو المهنة التي ينتمي إليها شخص ما أو محظوراتها، سواء أوقع ذلك في أثناء ساعات الدوام الرسمي أم بعدها .
أما مبدأ المشروعية بمفهومه العام فيقصد به خضوع جميع السلطات والأفراد أيالحكام والمحكومين لقواعد القانون وأحكامه، بينما يقصد به في مجال التجريم والعقاب: قيام المشرع بتحديد الأفعال التي تُعدّ جرائم، وبيان العقوبات المقررة لها بصورةواضحة ومحددة. ويُعدّ مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات من المبادئ الأساسية فيالتشريعات الحديثة ومن مقتضاه أن لا يُجرّم فعل ولا يعاقب عليه إلابنص قانوني يحددنوع الفعل المجرم وأركانه وشروطه، كما يبين العقوبة المستحقة. ويوفر هذا المبدأحماية قانونية للفرد وضمانة لحقوقه وحرياته؛ بمنع السلطة العامة المختصة من اتخاذأي إجراء بحقه، ما لم يكن قد ارتكب فعلاً ينص القانون على أنه جريمة معاقب عليها .
تقوم كل مسؤولية تأديبية يتعرض لها أي موظف عند إخلاله بواجباته المهنية على فرضية ارتكابه لخطأ أو مخالفة ما ،غير أن المشرع في هذا الباب ،لم يحدد تعريفا دقيقا لهذه المخالفة أو الخطأ،وذلك لكون تحديده يخضع لعدة عوامل وظروف مهنية و شخصية كذلك ، تتعلق بالموظف نفسه في علاقته بالظرف المهني ،وهو في ذلك يختلف عن الخطأ الجنائي المحدد قانونا بالمدونات الجنائية الدقيقة والمرتبة فعلا وعقوبة،ولكن المشرع وقف في الفصل73 من النظام الأساسي للوظيفة العمومية عند اعتبار الخطأ بشكل عام هو كل هفوة خطيرة يرتكبها الموظف ،سواء تعلق الأمر بإخلال في التزاماته المهنية ،أو بجنحة ماسة بالحق العام يترتب عنها توقيفه حالا من طرف السلطة التي لها حق التأديب،وتبعا لذلك فإن السلطة التي تتداول أو تقر ر في الموضوع هي التي تملك الصلاحية والسلطة التقديرية في تحديد الخطأ المرتكب من طرف الموظف وربطه بمسؤولية الموظف في ذلك،وبالتالي تقرن الأمر بصحة ومشروعية المتابعة التأديبية،وفي حالة الخلاف فإن المشرع خول القضاء الإداري بدوره صلاحية الرقابة على القرار التأديبي ،ومن ثمة تصبح له سلطة تقديرية أعلى لمتابعة مدى تكييف السلطة المهنية للخطأ والمتابعة التأديبية وهذا بالطبع جانب آخر من جوانب الضمانات المخولة للموظف في مواجهة الإدارة التي ينتمي إليها بشكل عام،سواء عند تحريك المسطرة التأديبية من طرف الأكاديميات أو من طرف سلطة التعيين . وإذا كان المشرع قد استنكف عن تحديد مفهوم الخطأ المهني لشساعته أو تعدده أو عدم ثبوتيته فان تغاضى كذلك عن التمييز بين الخطأ الجسيم والخطأ البسيط ،ودفع بخصائص المسؤولية التأديبية كي تحيط بالفعل من خلال مجموعة من المعايير الاحتياطية والزجرية أكثر من العقابية المحضة ، بمعنى الفعل ورد الفعل ،وأهم هذه الخصائص أنها تتحدد من طرف سلطة التسمية،وأنها مسؤولية إدارية ومهنية لا تمس إلا الوضعية الإدارية والمهنية للموظف وأن مجالها كذلك محدود بظروف الواقعة والحالة الخاصة للموظف. وطبقا للفضل65 من النظام الأساسي للوظيفة العمومية فإن سلطة التسمية هي السلطة المخولة قانونا بتطبيق العقوبة،وهي دليل على طبيعة تصور المشرع المغربي للتأديب حيث أخد في ذلك بالنظام شبه القضائي،كما خول المشرع صلاحية اتخاذ عقوبة الإنذار والتوبيخ لمديري الأكاديميات دون الرجوع لاستشارة اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء ،وفي ذلك فان السلطة الرئاسية مخولة أيضا صلاحية مراقبة عمل المرؤوسين،فتلغي قراراتهم أو تقوم بتعديليها آو تحل محل مرؤوسيها في حالة الفراغ الإداري الناتج عن تجاهل أو رفض تنفيذ التعليمات الرئاسية ،وهنا وبالرغم من عدم وجود نص قانوني ،فان السلطة الرئاسية مخولة صلاحية توقيف موظف ما بشكل مؤقت إذا اخل بالواجبات المهنية ،ويندرج التوقيف المؤقت في باب اعتبارات المصلحة ،كما يمكن استخلاصه من الفصل 73 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية السابق الذكر،كما انه إجراء استثنائي تلجا إليه الإدارة في حالة الضرورة القصوى ،أي في حالة الحاجة إلى حماية المؤسسة التعليمية أو التلاميذ أو الموظف نفسه في حالة استمرار بقائه أو تواجده بالمؤسسة واستمراره في أداء عمله ،وحسب الحالات التي تم فيها هذا الإجراء فان حالات التحرش الجنسي أو هتك العرض أوما شابههما تأتي على رأس الحالات التي طبق فيها هذا الإجراء عادة ،وتتحدد العقوبات بشكل عام في : * عقوبات تأديبية. * عقوبات تأخذ من الموظف بعض أو كل الامتيازات المهنية والوظيفية. * عقوبات تضع حدا لرابطة التوظيف بين الموظف وإدارته سواء بصفة مؤقتة أو نهائية. وبالرغم من كون المشرع لم يحدد في المجال التأديبي درجة الخطأ ولا حتى مفهوم الخطأ نفسه إلا انه أحاط تطبيق الزجر في المجال التأديبي بعدد من الضمانات ،كالرقابة القضائية كما وسع ضمانات الموظف لدى مثوله أمام المجلس التأديبي بضمانات حقه في الإطلاع على ملفه التأديبي وحقه في اختيار وإحضار شهود النفي ودعوة من يدافع عنه إذا ارتأى ذلك بما فيه توكيل محام للقيام بإجراءات الدفاع خلال الإطلاع على الملف أو أثناء سريان الاستماع إليه من طرف اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء…الخ،وبالرغم من كل ذلك فان المشرع ركز العقوبات التأديبية على مجموعة من المبادئ أهمها : * مبدأ شخصية العقوبة ،أي أن الموظف الذي تثبت المخالفة في حقه يتحمل شخصيا العقوبة المقررة. * مبدأ عدم رجعية العقوبة ،وتقتضي خلق وضعية قانونية جديدة لم تكن موجودة من قبل ،ومن ثم فان سريانها سيكون محددا قانونيا في بدء توقيع العقوبة ،وليس بأثر رجعي. * مبدأ عدم جواز تعدد العقوبات ،والقصد منها عدم توقيع أكثر من عقوبة واحدة على نفس الخطأ خلال نفس الفترة الزمنية التي ارتكب الفعل فيها ،أي عدم توقيع عقوبتين لنفس الخطأ ،وهنا لابد من الإشارة إلى آن الاقتطاعات التي تلجا أليها الإدارة في مقابل التغيب عير المبرر لا تعد عقوبة ولكنها إجراء محاسبي يخضع للنظرية القائلة أنه لا أجر بدون عمل ،طبقا للمرسوم الملكي رقم330.66 بمثابة النظام العام للمحاسبة العمومية،ولا يعد هذا القرار عقوبة بأية حال. * مبدأ المساواة في العقوبة ،وبمقتضاه فان العقوبة يجب أن لا تختلف باختلاف الأشخاص ومراكزهم الإدارية إذا كان الجميع متشابها في المخالفة واجتماع ظروف ارتكابها . * مبدآ تناسب العقوبة مع الخطأ ،ومعناه أن المخالفات البسيطة يجب أن يضطرد معها ما يناسبها من العقوبات ،وكذا الخطأ الجسيم يتطلب بالطبع عقوبات تتناسب مع حجم الضرر الذي يمكن أن يكون قد تترتب على الفعل المرتكب. وإذا كان القانون قد منح للإدارة كل السلط لمراقبة ومحاسبة موظفيها ،فقد حد نسبيا من سلطتها التقديرية في التعسف أو الشطط ،وعليه فإن الكثير من الأحكام القضائية الصادرة عن المحاكم الإدارية بالمملكة قد أرجعت الأمور إلى نصابها ،كما أن المشرع تدخل للحد من الشطط بالتقليص من هامش السلطة التقديرية للإدارة وذلك مع صدور الظهير الشريف رقم1.02.202 المؤرخ في 23يوليوز2002 بتنفيذ القانون 03.01 بشأن إلزام الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية،وبمقتضى ذلك فقد أصبحت الإدارة ملزمة بتعليل قرار العقوبة التأديبية تحت طائلة عدم الشرعية،بالتعبير صراحة عن الأسباب القانونية والواقعية التي تبرر القرار. إضافة لكل ذلك فان قرارات اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء هي إجراءات تحضيرية وغير تنفيذية ،تخضع للنظرية القانونية المتعلقة بالاختصاص ،والتي تحصر عمل اللجنة الإدارية في حالة انعقادها كمجلس تأديبي على أنها لجنة استشارية تدخل في إطار الاجراءات التشاركية فيما بين الإدارة والموظفين ،وقراراتها التأديبية ليست نهائية إلا عند تبنيها من طرفة سلطة التسمية التي هي المسؤول الإداري المخول له قانونا باتخاذ العقوبات باستثناء عقوبتي الإنذار والتوبيخ اللتين خص بهما المشرع المسؤول الإداري دون الرجوع لاستشارة المجلس التأديبي ،وهو الاختصاص المفوض لمديري الأكاديميات حاليا . ومنذ ظهور المذكرة الوزارية رقم30 الصادرة بتاريخ27 ابريل 2005،والمذكرة الوزارية رقم19 الصادرة بتاريخ17 مارس2004 والمذكرة الوزارية رقم90/268 بالصادرة بتاريخ27 يونيو2005 بخصوص منشور الوزير الأول عدد :8/2005 الصادر بتاريخ11ماي2005 ومنشور وزير تحديث القطاعات العامة رقم 04 بتاريخ19 ماي2003،بخصوص الرخص الصحية والتغيب عن العمل ،أصبحت الملفات المتعلقة بالتغيبات غير المبررة تتصدر الملفات التأديبية في أغلب الأكاديميات ،وترفق أحيانا بمخالفة بمغادرة التراب الوطني دون ترخيص ،تليها الملفات البيداغوجية المتعلقة بالإهمال والتهاون والاستخفاف بالمسؤولية ،أو بالسلوكات المنافية للمسؤولية المهنية ،كالاعتداء على التلاميذ أو عدم الالتزام بتعليمات الرؤساء ،إضافة إلى الملفات التي يعرض بموجبها الموظف تلقائيا على أنظار المجلس التأديبي مثل الاجراءات التي تستتبع تطبيق إجراءات الفصل 75 مكرر من النظام الأساسي للوظيفة العمومية ،واجتماع المتابعة القضائية المتبوعة بالمؤاخذة مع تحريك المسطرة التأديبية. ولا يزال تدبير الملفات التأديبية دون الأهداف الحقيقية التي سنها المشرع في هذا الباب ،ويرجع ذلك لأسباب كثيرة تتعلق بطبيعة الملفات التاديبية كملفات شبه قضائية ،وكذا لكون أغلب النيابات لا تدرك الأهمية الحقيقية للأهداف التربوية والإدارية وراء نظام التأديب ،فتعتمد موظفين غير مؤهلين للقيام بتدبير ها ، تبعا لملاحظة الأستاذ خالد بنيشو في كتابه اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء ،ص33ك الصادر عن منشورات صدى التضامن سنة2003،كما أن هذه الملفات لا تخضع للمتابعة والاستثمار من طرف النيابات الإقليمية للوزارة ،وتلك إشكالية أخرى أخطر بكثير ،تتعلق بطبيعة الاختصاصات ومعايير إلحاق الموظفين بمصالح النيابات والاسس المعتمدة في التكليف بالمهام الإدارية .


لذا يجب على القاضي أن يلتزم بالنص القانوني، فلا يسوغ له أن يستند فيتجريمه لأي فعل على القواعد الأخلاقية أو الاجتماعية، أو على تقديره بأن الفعل ضاربالمجتمع، كما لا يسوغ الحكم بعقوبة لم ينص عليها القانون؛ كأن يحظر المشرع فعلاًدون أن يذكر عقوبة لفاعله، أو يطلب القيام بعمل دون النص على عقوبة الامتناع عنالقيام به