المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحسم في سرت: الثوار يخوضون قتال شوارع ضد آخر معاقل القذافي



هيثم الفقى
10-08-2011, 12:40 AM
سرت - أ ف ب، أ ب، رويترز - شهدت مدينة سرت حرب شوارع أمس، حيث خاض مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي معارك عنيفة كانت تزداد ضراوة كلما توغلوا نحو وسط المدينة مواجهين مقاومة شرسة من قوات العقيد معمر القذافي. وقال الثوار إنهم يأملون بإنهاء السيطرة على سرت اليوم السبت.

وعلى الجبهة الشرقية من المدينة دارت معارك في «حي الموريتانيين» قرب البحر، وأيضاً في وسط المدينة وفي محيط الجامعة ومركز مؤتمرات واغادوغو. وقال المقاتل فيصل عسكر: «دخلنا مركز واغادوغو، إلا أننا تراجعنا بسبب القذائف الصاروخية ونيران القناصة. لا يوجد غطاء». وأضاف: «لدينا أوامر أن ننهي المهمة اليوم (أمس)». وحلّقت طائرات حلف شمال الأطلسي في سماء سرت أمس، إلا انه لم ترد أي تقارير عن وقوع غارات جوية. لكن مواقع على الانترنت أفادت أن طائرات الناتو شنت بعد الظهر غارات على «قصر المؤتمرات» حيث كان القذافي يستضيف القمم مع القادة الأجانب.

وأفاد مراسل «فرانس برس»، أن رجال كتيبة «علي نوري الصباغ» تمكنوا مساء الخميس في ختام يوم من المعارك الضارية من التقدم نحو كلم ليصلوا إلى مقربة من جادة تربط سرت من الشمال إلى الجنوب وتتحصن عندها كتائب القذافي. وبينما كانت المعارك مستعرة على هذا المحور، قال القائد في قوات المجلس الانتقالي نجيب مسماري: «لا بد من السيطرة على هذا المحور مساء اليوم (أمس)». وأضاف: «لا يمكننا أن نبقى هنا وسط المنازل مع هبوط الظلام، لأن قوات القذافي قد تقوم بتطويقنا». وتعرقل تلة من الرمل وُضعت وسط الطريق تقدم قوات المجلس الانتقالي، وكان لا بد للمقاتلين من دخول أزقة رملية بين مبان من طابقين وحدائق صغيرة.

ويكاد يستحيل إقحام آليات عسكرية داخل هذه الأزقة، ولا بد من تقدم المقاتلين سيراً على الأقدام. ويشكل هذا المكان المدخل إلى وسط المدينة، وتُدافع عنه قوات القذافي بشراسة، وهم يمطرون عناصر المجلس الوطني بالرصاص وقنابل الهاون لمنعهم من التقدم.

وأشارت «فرانس برس» إلى أن عناصر من الثوار حاولوا خلال الهجوم تشغيل مدفع هاون، إلا أن الرصاص المنهمر عليهم أجبرهم على التنحي والانبطاح. لكن القائد مسماري ظل منتصباً وسط ميدان المعركة ويعطي أوامره بحزم وهدوء: «أريد هنا في زاوية الشارع بندقية كلاشنيكوف ورشاشاً ثقيلاً من عيار 12.7 ملم»، وسارع جنوده الى تنفيذ الأمر فوراً.

وتتكون كتيبة «علي نوري الصباغ» في معظمها من جنود جيش النظام السابق الذين التحقوا بالثورة وتظهر حنكتهم العسكرية بوضوح، في تناقض مع أسلوب الهواة الذي تتسم به بعض وحدات المتطوعين المدنيين.

وقال أحد الجنود وهو يرتدي عمامة، إن «الذخيرة بدأت تنفد»، فتتوجه على الفور سيارة مكشوفة رباعية الدفع إلى الخطوط الخلفية تحت وابل من الرصاص لجلب إمدادات.

واحتدمت المعارك بين الطرفين، اللذين تفصل بينهما مسافة 300 متر، في حين تقاتل وحدات أخرى من قوات المجلس الانتقالي في موقع إلى الشمال من هناك في قلب «حي الموريتانيين».

ويسأل مسماري عبر جهاز اتصاله: «ما هو موقعكم؟» فيرد عليه صوت أحدهم: «نحن في العمارات الحمراء»، من دون مزيد من الايضاحات.

ويشكل عدم معرفة هؤلاء الرجال القادمين من شرق البلاد أرضَ المعركة، نقطةَ ضعف خطيرة تزيد في مخاطر تعرضهم لرصاص زملائهم. ويسرع أحد الرجال باتجاه القائد مسماري وهو يلهث ويصيح: «ثلاثة من رجالنا عالقون هناك على مقربة من المكان في مدرسة، سيقتلون إن لم نساعدهم على الفور»، شارحاً كيف تمكن هو من الإفلات بأعجوبة من داخل المدرسة.

ويسأل القائد ببرودة: «من أعطاهم أمر التقدم؟»، لكن الجندي لم يردّ وبدا عاجزاً عن الوقوف، فاتكأ على جدار صغير. وأضاف القائد: «تحرك! خذ معك فريقاً لإخراجهم من هناك وخذوا معكم رشاش دوشكا».

وتضاربت المعلومات في شأن عدد الضحايا الذين سقطوا خلال المعارك أمس، إذ أوردت قناة «العربية» أن الثوار فقدوا 22 قتيلاً و146 جريحاً، في حين قال عاملون طبيون إن عشرة من المقاتلين قتلوا وعشرات أصيبوا في قتال في الجانب الغربي من المدينة، وقال مراسل «فرانس برس» إن عربات الإسعاف واصلت التوافد على مستشفى ميداني قريب. ولم تَرِدْ معلومات فورية عن أعداد الضحايا في الجانب الشرقي من المدينة الواقعة على المتوسط. وفي وقت سابق، ذكرت مصادر طبية في مستشفى ميداني آخر يبعد 50 كلم غرب سرت، ان المستشفى استقبل 18 من المقاتلين المناوئين للقذافي، كانت اصابة معظمهم بشظايا. ونقلت وكالة «أسوشيتد برس» عن أطباء، قولهم إن علي سعة، وهو قائد كبير في «كتيبة ليبيا الحرة»، أصيب خلال الهجوم على سرت برصاصتين من نيران قناص متمركز في منطقة سكنية في المدينة.

وفي مستشفى ميداني على بعد كيلومترات قليلة، قال مراسل «فرانس برس» إن عربات الإسعاف كانت تصل كل دقيقتين، وقال إن رجلاً يحمل مكبراً للصوت كان يهتف مع آخرين «الله اكبر» كلما تم نقل أحد الجرحى داخل المبنى الذي أقيم فيه المستشفى الميداني. ووصلت شاحنة بيضاء صغيرة وتجمع عدد من الحضور للصلاة. وداخل الشاحنة سجّيت أربع جثث ملفوفة ببطانيات رمادية ومربوطة بحبل أبيض، ووضعت عليها ملصقات تحمل اسماء القتلى.

وتشكل مدينة سرت وبلدة بني وليد الصحراوية التي تبعد 170 كلم جنوب شرقي طرابلس، آخر معاقل القذافي الكبيرة في مواجهة المجلس الوطني الانتقالي.ومع احتدام القتال ليل الخميس-الجمعة، دعا العقيد الليبي الفار معمر القذافي في تسجيل صوتي أذاعته قناة «الرأي» التي تبث من سورية، الليبيين إلى تنظيم تظاهرات بالملايين احتجاجاً على المجلس الوطني الانتقالي الذي يسيطر على معظم انحاء البلاد.

وفي نيقوسيا (أ ف ب) ذكرت نشرة «ميدل إيست إيكونوميك سيرفي» ان إنتاج النفط الليبي تخطى 350 ألف برميل يومياً. وجاء في التقرير الذي نشرته هذه النشرة الأسبوعية الصادرة في نيقوسيا أن الإنتاج في حقل أبو الطفل (شرق) الذي استأنف أنشطته في أيلول (سبتمبر)، قد ارتفع الى 70 ألف برميل يومياً. وفي مطلع تشرين الأول (أكتوبر)، استأنفت حقول الغربية والزويتينة (شرق) نشاطها وانتجت 21 ألف برميل يومياً، وكذلك منصة الجرف أوف شور قرب الحدود التونسية مع 41 ألف برميل يومياً.
http://international.daralhayat.com/internationalarticle/315970