المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صبر العراقيين



أم خطاب
03-12-2011, 05:13 PM
صبر العراقيين ـــ
قصيدة للشاعر الدكتور وليد الصرّاف

دماءُ العِراقِيّينِ أمْ ساحِلُ البَحرِ
وَدَمعُ العراقيّاتِ أم وابِلُ القَطرِ

وَيومٌ علَيهم مَرَّ أم قَد تَنَكَّرَتْ
بِهَيئَةِ يَومٍ واحدٍ حِقَبُ الدَّهرِ

وَقَفتُ بِجَنّاتِ العراقِ فَما انبَرَتْ
لِتُسمِعَني أشجَارُها لُغَةَ الطّيرِ

ولا أرسَلَت نَحوي زُهورُ رياضِها
ليلحَقَ بِي إذْ سِرتُ، وفداً، منَ العِطرِ

جِنانٌ ولا حُورٌ.. وَوَردٌ ولا شذىً
كَأَنِّيَ في قَفرٍ وما أنا في قَفرِ

عُيونُ جُنودِ الرّومِ أقصَت وَرَوَّعَت
(عُيونَ المَها بينَ الرصافةِ فالجِسرِ)

وَدجلةُ مِنْ سُكرٍ يَميدُ كَأنَّما
أرَاقَ عَلَيهِ الغيمُ دَنّاً منَ الخَمرِ

وَلكنَّهُ السكرانُ من غَيرِ خمرَةٍ
فَما فيهِ منها كانَ أوغلَ في السُّكرِ

تُؤنِّبهُ أشلاءُ غَرقاهُ ذاهلاً
عَن النّخلِ إذ يُبدِي لَهُ زينةَ التَّمرِ

وَيذكرُ إذ يَنسابُ أحمرُ من دمٍ
سِنِيناً بِهِنَّ انسابَ أزرَقَ من حِبرِ

وربَّتما يصحو فَيعلُو خَريرُهُ
كزأرَةِ ضرغامٍ بزنزانةِ الأسرِ

لَبستَ ثيابَ الحربِ من ألفِ حِجةٍ
فَقُلْ لِي ألم تَتعَبْ من الكَرِّ والفَرّ

وَقُل لي أنَهرٌ أنتَ أم دمُ طعنةٍ؟
دراكاً تَلَقّاها العراق منَ الظَّهرِ

وَدَمعٌ على خَدِّ العراقِ بحرقةٍ
جَرَى منذُ هولاكو وَلَمّا يَزلْ يَجري

لَقد طالَ هذا الليلُ خَمسا وأطفَأت
بظلماتِهِ نارَ القِرى خَيمَةُ البَدرِ

وَمن حَولِهِ انفَضَّت نُجومٌ وهَاجَرَت
كَواكبُ كانت فيهِ لامِعةً تَسري

وصاحَت دُيوكُ الأرضِ صاحت فُحُولُها
وبحَّ لَها صوتٌ يُنادي على الفَجرِ

وَجُنَّ جنونُ الناسِ إذ أبطأ الضُّحى
تَوقَّفَ قلب الدهر والناس لا تدري

لبغداد جاء الصبرُ يؤنسُ أهلها
فلُقِّنَ في بغداد درساً من الصبرِ

يَقولونَ هاجرْ بورِكَت هجرةٌ بها
سَتأمَنُ من خوفٍ وتسلَمُ من فقرِ

وتبلغُ يسراً أعجزَ العُسرَ دَربُهُ
ألا إنَّ عسري فيِهِ خيرٌ منَ اليُسرِ

فأشواكُهُ عِطرٌ خَفِيٌّ وَصَخرُهُ
أرقُّ من الخنساءِ تَبكي على صَخرِ

مَقابرُ أجدادي وآثارُهُم هنا
وملعبُ أحفادي وبينَهما عُمري

وأسماؤُنا موصولةٌ منذُ آدمٍ
ننادى بها فيه إلى موعدِ الحَشرِ

فكيفَ ألاقي فَاطرَ الأرض والسَّما
إذا خُطَّ في أرضٍ سوى أرضِهِ قَبري

هيثم الفقى
03-15-2011, 11:40 PM
شكرا على النقل الجميل
أبيات رائعة
دمتى بود